+ A
A -
أحصيت ثلاثة أخبار في عدد امس من جريدة عربية، يتعهد فيها قادة كبار بإجراء محادثات جادة مع خصومهم هذه المرة، كما لو ان المحادثات السابقة كلها كانت غير جادة.
ضحكت قليلا، لكنني ضحكت اكثر عندما وَجَدت ميليشيا إيرانية مسلحة نفسها في نقطة حدودية اردنية، مطالبة من ينتقدها بمراجعة مؤتمر آستانة، ومتعهدة بالهدوء التام حيث ترابط.
لكني انفجرت ضاحكا عندما اعتذر بشار الاسد (قبل أن يعود عن ذلك) عن حضور اجتماع في جنيف حول سوريا تعقده الدول الخمس الكبرى، والسبب ان المعارضة السورية جاءت هذه المرة بوفد موحد يطالب برحيل الاسد كشرط من شروط التسوية.
حدث هذا كله في الساعات الاخيرة، ولكن هناك المزيد. فمسعود البرزاني اكتشف فجأة ان اربيل قدمت ما يكفي ويزيد لإرضاء حكومة بغداد بهدف العودة الى المفاوضات الشرعية لحل مشكلة كردستان. لكن الاهم ان البرزاني صار يعتبر مدينة كركوك «الحبيبة» مدينة للعيش المشترك وأن الامر الواقع اصبح لا يطاق، مستعجل على الحل يا ملا؟ لماذا يا ترى؟
غير ان الخبر الذي لفت نظري بشكل خاص هو ان دونالد ترامب ابلغ اردوغان انه اصدر تعليماته بضرورة عدم تقديم اسلحة للمقاتلين الاكراد السوريين الذين تعتبرهم انقرة ارهابيين، ولكن هل تركيا مرتاحة للقرار بعد ان سبق لترامب ان اقدم على مسلك محير عندما سلح الاكراد ثم سحب اسلحتهم عدة مرات في السابق؟
اما السعودية فمنهمكة في عدة حروب اقليمية بعضها مباشر والآخر غير مباشر، اي بالوكالة، غير ان هذه الحروب الحالية والمستقبلية المقررة او المحتملة لم تستكمل او تُحسم ولا ادلة على انها مقبلة على ذلك. ونصيحتنا المخلصة لإيران ان تتخذ سلسلة اجراءات لاثبات نيتها التي لا لبس فيها للتراجع عن توسعها الاقليمي في العالم العربي. حتى الآن هي تقول لنا مرة «لا» وأخرى «نعم»، لنبقى دائما في دائرة اللعم!
وإذا كان مطلوبا من طهران ان تزيل من نفوس العرب مخاوف من نيتها السيطرة على بلادهم، فإنه مطلوب من نتانياهو ان يبرهن لنا بالدليل القاطع انه ليس خائفا على مستقبل اسرائيل. صحيح ان الكنيست أبعد نتانياهو عن دهاليز التحقيق معه بالفساد الهائل المحيط به وبعائلته، علينا ان نعلم ان المحققين جلسوا معه ست مرات في قراءة اولى من ثلاث حول قضية فساد واحدة فقط!
علب السيجار الكوبي الفاخر التي وصلت الى منزل نتانياهو ليست افضل طريقة لإحراق معالم الشرعية المزعومة التي ابتكرها رئيس الوزراء وهو يتصرف كأن دولة اسرائيل هاربة الى الأبد، فالخبراء الدوليون المرموقون يقومون بذلك على اكمل وجه، وحركات فيانكا وترامب وكوشنر المكشوفة لن تحميه، فالدولة العبرية مفضوحة حتى العظم، هذا اذا بقيت قطعة واحدة من هيكلها مثبتة في مكانها.
العالم كله بخلاياه النائمة والصاحية وبدوله الكالحة والمتهالكة رغم ضخامتها وحقوق النقض التي تمتلكها صارت كعلب كرتون خفيف تتقاذفها الرياح بسهولة غريبة!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
29/11/2017
2957