+ A
A -
أعلنت عن رغبتها في العمل..أي عمل،وذلك بعد وفاة زوجها بعام وبضعة أشهر، اجتمع أفراد أسرتها الأم_والاشقاء- لمناقشة القرار،شكليا كما اتضح بعد دقائق من عقد الاجتماع،ثم تم الرفض،القاطع والصارم لا حاجة لك بالعمل ،انت في الثانية والاربعين من عمرك، واولادك اطول قامة منك،وراتب زوجك يكفيك ويزيد..انتهى الموضوع! كانت هذه كلمات والدتها الحازمة ،أقر الاشقاء قرارها بايماءة،قرب احدهم عكازها وساعدها الآخر على النهوض ، في حين هرول الثالث إلى الخارج وهو يتنفس الصعداء.. أنفض المجلس بأسرع مما توقعت،وبقيت هي في مكانها تشتعل غضبا،لم تحضر أيا من شقيقاتها هذا الاجتماع الذي حُسم قبل أن يبدأ ،وحتى لو حضروا...لم يكن مسموحا لهم بابداء الرأي في حضور الوالدة،تربوا جميعا على الخنوع ،على تنفيذ الاوامر ،على عدم الثقة بالنفس، ،لم تحظ لا هي ولا أختاها بصديقات،لم يكن مسموحا لهن بزيارة احد ولم يكن مرحبا لأي أحد بزيارتهن، اختارت لهن ازواجهن كما اختارت لاشقائها زوجاتهم،وكانت هي أسعد حظا من اختها الكبرى الذي اعتاد زوجها أن يضربها لأوهى سبب حتى بعد ان كبر أبنائها وتزوج من تزوج، ومن اختها التي تصغرها بخمسة اعوام لا غير ، والتي ردت الوالدة كل من تقدم لها بحجة أن لا احد يستاهلها ،ولم يتقدم لها بعد الشخص المناسب ، وهي أفضل حالا من أشقائها المتجهمين على الدوام ،الجادين على الدوام،المحكوم عليهم البقاء في المنزل الكبير«الكئيب» حتى أشعار آخر، لا تتذكر آخر مرة رأت واحدا منهم يلعب مع اطفاله أو يضحك أوحتى يبتسم، التعاسة كما قال أحدهم مثل المرض لا يمكن اخفاؤها،وهي كما تقول لنفسها دائما «محظوظة» عوضها الله بزوج طيب وحنون ،شاركها الحياة لمدة خمسة وعشرين عاما ولم ترى منه الا كل خير، وأكرمها المولى عز وجل ببنات واولاد أحسنت تربيتهم فأحسنوا معاملتها..ومعاملة الجميع،لكنها تشعر بفراغ لا تستطيع تفسيره،صارحت اولادها بما تشعر به فطرحوا عليها فكرة العمل،وجدتها غريبة في البداية ،ومع الوقت أستحوذت عليها الفكرة ،خاصة بعد ان تطوعت ابنتها باعداد ملف هزيل يحتوي على نسخة قديمة من شهادتها الاعدادية وصورة جوازها وطلب العمل،وتكفل الابن الاكبر بارسال نسخ من هذا الملف إلى كافة الوزارات والمؤسسات التي لا تتطلب خبرة وشهادات عالية،وحين بدا لها أن المسألة مسألة وقت قبل ان تصبح سيدة مستقلة تملك وظيفة وراتب شهري ،طلبت من أسرتها التي لا تراها الا في المناسبات الحضور وجاء الرفض القاطع الذي أسلمها للغضب والحيرة!! في ذلك المساء اجتمع أولادها الثلاثة وابنتاها في غرفتها كعادتهم منذ رحيل والدهم،في العادة يتحدثون عن مشاكلهم،وعما حدث معهم طوال النهار ،يتشاورون ويضحكون أو يتبادلون الحديث فحسب،لكن ذلك المساء لم يكن كغيره ،ثار الابناء والبنات حين ابلغتهم بقرار والدتها ،وتهديدها لها بأنها لو نفذت «ما يدور في رأسها» سيقاطعها الجميع،ستعتبرمنبوذة.. ميتة بالنسبة لهم،هي واولادها،وبناتها،أنتفضت ابنتها الجامعية وقالت بحدة:«من اعطاهم حق تقرير مصيرك وانت في هذا العمر يا امي..عيب والله عيب» واكتفت الابنة الصغرى بترديد جملة واحدة تختلف في ترتيب الكلمات وتحمل نفس المعنى«لن نشعر بغيابهم ولن يشعروا بغيابنا..عادي يعني» اما ولداها فكان لكل منهما رأي مختلف،الاصغر يرى انه لا بأس من المحاولة مرة ومرات ،وان صاحبة القرار «جدته» قد تتراجع وتسحب تهديدها،للحفاظ على صلة الرحم...والأكبر يجد فيما حدث تدخلا سافرا وفجا في حياة لا تخصهم ولا يملكون حق التدخل فيها...وأنه يعرف ويعلم ومتأكد ان تلك المرأة لا تتراجع أبدا ولا تعترف بخطئها،ولا تجد نفسها مخطئة استبدادها دفع جدي للزواج من أخرى سرا،وأجبر خالي الاوسط على الهرب بعيدا عن زوجة لم يخترها وأحالت حياته إلى جحيم..و...و...وقبل أن ينتصف الليل وقف الابن الاكبر وقال بسخط: لا تهتمي يا أمي ،ولا تشغلي بالك.. أنا موافق على ان تعملي..أنا ولي أمرك واقول لك أنني موافق!! وللحكاية بقية.
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
28/11/2017
3594