+ A
A -
للمرأة في الفن حضور عميق يعكس برمزيته معنى الحياة والطبيعة، الأرض والخصوبة، الجمال والمحبة، فهي تمتاز بصفات متنوعة تمتزج مع الفكرة الفنية التي تحدد الجانب الجمالي المطروح فيها.
كما أن دور المرأة في الفن لم يتوقف عند حضورها كفكرة ورمز وصورة، بل انفلت من تلك الأطر العامة ليصبح للمرأة حضور ذاتي مشرق في الفن والإبداع فكانت فنانة وأديبة ومسؤولة فاعلة في هذا المجال، وهو ما يحيلنا على محاولة البحث لفهم صورة المرأة في الفن والحديث عن دورها في النهوض به والرقي بذاتها ككيان له معنى.
يلازم المرأة الخيال والإبداع والشاعرية والألوان كصورة عميقة ثرية ومتنوعة لا تخلو من التميز، فهي رمز الحب والوصل والحياة والأمومة التربية والتربة الصالحة انعكاس الحلم الصادق والرغبة في الأفضل هي الأمل والتجدد وهي المنفذ نحو النور وهي الأحاسيس المختلطة وهي القضية والمجتمع، لأنها الجسد والروح كما أنها الحضور والذاكرة، لذلك يحتاج التعبير عن المرأة في الفن إلى سلاسة الفكرة وقوة الترميز فالأدب الكلاسيكي قدم لنا صورا متنوعة عن النساء سواء في الشعر العربي أو في حكايات ألف ليلة وليلة وفي رمزية شهرزاد، فالمرأة كعالم شكلت رمز دهشة وإثارة في اللوحات الفنية للمستشرقين الغرب أمثال أوجين دي لاكروا في لوحة «الحرملك» كما أن صورة المرأة في الأدب والفن الحديث تحولت حسب الواقع والأحداث التي أصبحت تعبر عنها كقضية وتتعامل معها كجدلية تقف بين الأصالة والحداثة بين التحرر والانفتاح والهوية الثابتة.
ولعل التناول الحديث لصورة المرأة جعلها تنهض بنفسها وتقرر أن تصنع دورها كمبدعة خلاقة تعالج صورتها وخيالها وانفعالاتها التي تعبر عن ذاتها فقد ابتكرت لها منافذ حاكت وجودها وكيانها داخل المجتمع فهي صاحبة قرار ورأي وفكر وجمال استطاعت أن تكوّن لها رؤية في الفنون وتؤسس لمدرسة تعنيها وتعني قضاياها وطموحاتها دون أن تتخلص من بيئتها وتراثها وهويتها وقد مثلت بلادها وتقدمت بمجال الفنون واندمجت مع الرجل وتفاعلت معه في الفكرة والصورة وهو ما حقق التكافؤ الإبداعي.
فقد تأثرت المرأة في تعبيرها عن ذاتها بصورتها الاجتماعية ورغباتها وحضورها الذي يعني الندية والتكافؤ ولم تنفصل عن دورها في الطبيعة المرأة الحبيبة والزوجة والأم كلها علامات مهما اختلفت تلاعبت بصورة المرأة جماليا وعبرت عن أقصى حالاتها في الخيال كحلم سرمدي وفي الواقعي كقضية ودور.
فكل حضور للمرأة في الفن التشكيلي يعني عوالم غارقة في الجمال والألوان والعلامات والأفكار والمجازات السردية التي تحكي الخيال والطبيعة والواقع والحلم والجسد والفكرة، فمن الصورة إلى الإنجاز تتدفق الأفكار ناضجة ملونة غامضة وساطعة متمردة وهادئة، فبين التعبير عن المبالغة في الإلغاء تحت عدة مسميات اجتماعية والمبالغة في الكشف تحت غطاء الحداثة تصارع المرأة الصورة والمرأة الفعل حضورها ودورها.
بقلم:ريم العبيدلي
copy short url   نسخ
26/11/2017
13588