+ A
A -
دولة قطر كبيرة بإنجازاتها وبتفكيرها وبطموحاتها، وكبيرة بحرصها الشديد على وجود مجلس التعاون الخليجي وتماسك الدول الأعضاء فيه، وعلى تماسك وقوة الوطن العربي وأيضا على السلم والأمن الدوليين.
وبالنسبة لحرص دولة قطر على وجود مجلس التعاون الخليجي، ومعالجة حالة التصدع التي أصابته، وتماسك الدول الأعضاء فيه، رغم الأزمة الحالية التي امتدت لأكثر مما كان يتوقع الشعب الخليجي، فليس أدل على هذا الحرص من الحديث التليفزيوني لمعالي الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ودعوته من خلاله إلى حل الأزمة في إطار البيت الخليجي، حتى نثبت للعالم أجمع أن مجلس التعاون لا يزال موجودا، ولا يزال قادرا على حل مشكلاته، إنه حديث من القلب ودعوة صادقة من أجل ترميم صورة المجلس الجميلة التي شوهتها الأزمة وطمست معالمها وسائل إعلام دول الحصار.
هذه الدعوة الصادقة المخلصة ناقوس إنذار مبكر أطلقه معاليه وحذر من عواقب التمادي في الخصومة، لأنها ستكون عواقب وخيمة لن ينجو منها طرف، فالتحديات الخارجية المحدقة بالمنطقة تشكل خطرا لا يقوى على مجابهته طرف واحد، وإنما كل الأطراف مجتمعة، ونجزم بأن الشعوب الخليجية قاطبة مع التجاوب الإيجابي لهذه الدعوة، ونتمنى أن ينتقل هذا التجاوب الشعبي إلى المسؤولين خاصة في دول الحصار لتتماسك دول المجلس في مواجهة التحديات المشتركة، ولا يزال الأمل كبيرا في حكمة ووساطة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، متعه الله بالصحة والعافية وأعانه على هذه المهمة الصعبة التي لم يدخر لها جهدا.
وقائع وأحداث التاريخ القديم والراهن في الغرب تؤكد لنا أن الفرقاء والخصوم اتحدوا لمواجهة خطر مشترك، وأجل وأوضح شاهد على هذا وجود الاتحاد الأوروبي الذي يضم دولا قتلت من بعضها البعض الملايين في الحربين العالميتين، وها هي الآن انضوت تحت لواء الاتحاد الأوروبي رغم تباين حضاراتها ولغاتها، مثل فرنسا التي تتحدث الفرنسية وألمانيا التي تتحدث الألمانية وإسبانيا التي تتحدث الإسبانية وهولندا التي تتحدث الهولندية وغيرها، فما بالنا نحن في منطقتنا الخليجية ذات الهوية الواحدة والأسر المشتركة التي تجمعها الأخوة في النسب والدين والمصير المشترك والهدف الواحد.
أخشى ما أخشاه هو أن يعتقد المسؤولون وأصحاب القرار في دول الحصار أن هذه الدعوة جاءت نتيجة وطأة الحصار وتداعياته، ولكن معالي رئيس مجلس الوزراء كان واضحا عندما أكد في نفس الحديث التليفزيوني على أن سيادة قطر خط أحمر، ونقول إذا كان للحصار تداعيات وآلام فإنها لا تصيب القطريين وحدهم، فنحن نؤمن إيمانا راسخا بأنه إن يمسسنا قرح فقد مس القوم قرح مثله، وإن نكن نألم فإنهم يألمون كما نألم.
ليت المسؤولين في دول الحصار يمتثلون لقول الله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» سورة آل عمران، آية 103، والله من وراء القصد.

بقلم : آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
26/11/2017
3235