+ A
A -
ما طالعتنا به الصحف والمواقع والفضائيات في الساعات الاخيرة، مأساوي الى درجة من الصعب ان نتذكر مثلها في العقود الاخيرة. وبصدق لا اعي منذ عملي في الصحافة قبل اكثر من نصف قرن حالة كارثية كالتي نعيشها، خاصة في اقليمنا الشرق اوسطي - الخليجي، الذي دفع ويدفع وسيدفع الخسارة بكاملها.
وكما قال الحكماء على مر الزمان، فإنه لا منتصر هناك في اي حرب، بل هناك خاسرون فقط، غير ان المرء لا يتعلم حتى حين يدفع ثمن الهزيمة من جيبه مرة وراء مرة.
ثمة تكتلات من تحالفات مسمومة، وحرائق يصعب احصاؤها، ليس باتجاهنا فقط، بل نحو عالم ابتلي بإرهاب تتكاثر خلاياه في السر والعلن، دون ان يملك احد القدرة على وقف الوباء.
وإذا كان قادة عالمنا وهم في اغلب الاحيان لصوص او اغبياء جهلة، قد بشرونا بزوال داعش مائة مرة على الاقل في الشهور الاخيرة، فإن هذا التنظيم الشيطاني يهاجر تحت انظارنا نحو اماكن اخرى، فيما يكبر ويتعملق هو وصانعه الاساسي تنظيم القاعدة الذي يضاعف وجوده في عدة قارات.
لم يعد احد يتوقف عند كلمات كهذه، اذ ان هناك قدرا من التسليم بأن الآتي ادمى وأمضى وأعنف، فيما اخذ كل واحد منا يدير حياته ساعة بساعة. وأهم دليل البيان الثلاثي الصادر عن بوتين وأردوغان وروحاني الذين لم يتحدثوا في قمة سوتشي سوى عن الاتفاق على إطلاق جولة مفاوضات جديدة، مع وقف القتال وخفض التصعيد.
وحتى منصة الرياض ما يزال لديها صوت «ديكوري» بعد توجه اكبر دولة عربية لتبديل الخرائط وعقد التحالفات غير المتخيلة اطلاقا، مع اسرائيل ذاتها، لتشكيل جبهة واحدة عنوانها محاربة ايران. الى هذا الحد وصلت الامور، حتى صار الحرام حلالا والحلال حراما.
هذه الامور لم يكن يمكننا تصورها ولا في الخيال، والخيانة التي حذرنا غسان كنفاني من ان تصبح وجهة نظر، اضحت حقيقة لها منظرون ومفسرون ومبررون ومبشرون، الى درجة ان سلطة رام الله «جمدت» اتصالاتها مع الاميركيين لانهم رفضوا تجديد الترخيص لمكتب منظمة التحرير ما دام يريد ان يقاضي اسرائيل امام المحاكم الدولية.
ليس مهماً إنْ ضحكنا ام بكينا، فكل شيء ممتهن ويدل على ان العالم ساقط، وأن الطاولة التي انتصرت لهذا ستنقلب عليه بعد قليل، ما يجعل من الصعب معرفة من يضحك ومن يبكي ومن يربح ومن يخسر.
وإذا كانت الرياض قد آمنت بترامب وحصلت منذ ساعات على صفقة مليارية جديدة لتزويدها بقذائف شديدة الدقة، فقد حصلت أوكرانيا من واشنطن ايضا على اسلحة فتاكة لاستخدامها ضد اعدائهم الروس. هذه العطايا الاميركية تمهد لدرب يعج بالشرور وبالقرارات العشوائية غير المدروسة.
لا شيء يحيا عندنا، فالجامعة العربية شبعت موتا، ومجلس التعاون يتشقق بسبب المكابرة السعودية وسط قطيعة طويلة الامد متوقعة بين بعض اعضائه. وحتى تركيا وإيران اللتان آزرتا بوتين علنا، تعلمان ان مراهناتهما غير متمكّنة، وأن كل شيء سيقع على رؤوس الدول الثلاث، خاصة بعد ابلاغ بوتين بشار الاسد علنا انه سيكون آخر علوي يحكم سوريا. كل ما سمعناه وقرأناه في الساعات الاخيرة ترقيع في ترقيع ومماطلات وهزائم لا تشمل نصرا واحدا لا يتعرض للتشكيك!!

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
24/11/2017
3058