+ A
A -
الهوس والجنون اللذان يَحكمان الإنسان الباحث عن أن يَضرب بجذوره في أرض السلطة هما ما شَكَّلَ دَيْدَن موغابي المطرود من جَنَّة السلطة رَغْمَ أنفِه، تلك الجنة التي تَفَرَّغَ لها هو لوقت طويل من عمره إلى أن أَجْبَرَهُ الجيشُ على مغادرتها.
صحيح أن قرارَ المغادَرة اتَّخَذَ شَكْلَ مُبادَرَة منه في وقتٍ متأخر بتقديم استقالته، لكن هذا لا يَعني أنه لم يَكُنْ مُجْبَرا على الامتثال للأصوات الرافضة له عندما لم يَجِدْ حَلاًّ بديلا يَحفظ ماءَ وجهه بعد أن عزلَه الجيشُ ورفض الحزبُ الحاكم استمرارَه في قيادة زيمبابوي..
القطرة التي أفاضت الكأسَ هي إقدام موغابي على إبعاد نائبه منانغاغوا تمهيدا لوضع زوجته غريس في الصورة ريثما تَحلّ مَحَلَّه في منصب الرئاسة بعد تصفية حساباته مع مَن يُريدون أن يَكونوا في مَكانِه..
أربعة عُقود هي الفرق العمري بين موغابي وزوجته المدلَّلة التي شَجَّعَتْهُ على محاربة معارضيه من باب التَّحَفُّز لِتَخلفه هي في السلطة..
هل تَمَّ الحكم على موغابي بمغادرة جَنَّتِه لأنه تَجَرَّأَ على قَضم شيء من تفاح السلطة المحرَّم؟!
أم أن الجيشَ وجد نفسه مدفوعا إلى التمرد والعصيان والثورة لأن موغابي أجهزَ على كل تفاح زيمبابوي؟!
أم لأن الواقعَ يقول إنه لا تُوجد تفاحة ظَلَّتْ تُهَدِّد مستقبَلَ موغابي غير زوجته غريس، غريس التفاحة التي استدرَجَتْهُ إلى الخروج من الجنة؟!..
بين الإصرار على البقاء وإعلان التَّنَحِّي خِطاب، خِطاب انتظَرَ منه أبناءُ زيمبابوي أن يَفهم موغابي أنَّ أوانَ الاختيار قد فات، لكنه صَدم الجميعَ بعدم رغبته في المضي بعيدا عن أضواء السلطة، ثم سرعان ما عدل عن رأيه بعد ذلك بوقت قصير وفاجَأَ الكُلَّ بأنه زَهد في المنصب دون أن يَتعرض لضغوط لَعَلَّ الحزب الحاكم كان يُرَتِّب أمرَها ويَتهيأ لِفَرضها على موغابي..
لُعبة السلطة يا صديقي تَوَقَّعْ منها دائما الكثيرَ من المفاجآت.. والمطرودون من جنة السلطة يَبحثون أحيانا عن نهايات مُشَوِّقَة للرائي بعين التأمل، نهايات قد يَدفعون ثمنها غاليا كما حصل لِمَن انتهى بهم الأمرُ إلى السقوط في زمن الربيع العربي..
أما موغابي، فقد فهم الدرسَ وأدرك أن التَّعَنُّتَ والمماطَلةَ لا طائل من ورائهما، لذلك وجد نفسَه مضطرا إلى الرحيل تماشيا مع الظروف التي فَرَضَها الرَّبيعُ الأَسْمَر..
هذا هو الربيع الذي ضرب جَنوبَ القارة السمراء ممثَّلا في زيمبابوي، إنه الربيع المتأخر نِسبيا عن أوانه مقارنةً مع الربيع العربي الذي زحفَ زَحْفاً وحَطَّ بكل ثقله قبل سنوات تُذْكَرُ..
نافِذَةُ الرُّوح:
«الطريقُ إلى الجنة أنثى.. والطريقُ إلى الجحيم أنثى».
«خَيَّرْتُكَ بين جورِكَ وفُجورِكَ، فآثَرْتَ الانبطاحَ ذليلا».
«آخِر الْمَلَذَّةِ مَذَلَّةٌ».
«شيء مِن الحِكمة يُغْنِي عن السقوط».
«العُيون الجافة تُمْطِرُ رَصَاصا».
«عُمْلَة مَيِّتَة تُسَمَّى اليأسَ في زمن الربيع».
«على مَقربة من قرية الصَّمت مَوْعِدٌ مع الوهم يُضْرَبُ للباحِث عن بَيْضَةِ الدِّيك».
بقلم : سعاد درير
copy short url   نسخ
23/11/2017
2815