+ A
A -
يصر ديكتاتور زيمبابوي روبرت موغابي على تحدي كل معارضيه ومخالفة السنن الكونية في التغيير وأن الديمومة ليست لأحد إلا لخالق الكون وحده، فبينما كان الشعب ينتظر منه أن يعلن استقالته مساء أمس الأول بعدما قام حزب زانو بي أف الحاكم بعزله وتعيين نائبه السابق إيمرسون منانغاغوا زعيما جديدا للحزب، إذا به يعلن في خطاب مطول أنه سيشرف بنفسه على فعاليات مؤتمر الحزب الذي سيعقد خلال أسابيع.
سلوك موغابي هو السلوك الدائم والطبيعي لكل ديكتاتور مستبد متشبث بالسلطة لاسيما إذا بقي فيها عشرات السنين، ولن نذهب بعيدا إلى أعماق التاريخ ولكن لننظر فقط إلى ما حولنا لنرى ما الذي فعله ديكتاتور ليبيا معمر القذافي وديكتاتور مصر حسني مبارك وديكتاتور اليمن على عبدالله صالح وغيرهم وغيرهم من النماذج التي لا نهاية لها، يظلون يتمسكون بالبقاء في السلطة إلى آخر رمق.
فكل ديكتاتور مستبد بعدما يشيخ في العمر ويهرم في السلطة تبدأ المجموعة المحيطة به تستلب منه أدوات السلطة شيئا فشيئا ويصبح في النهاية مجرد صورة وهيكل وهؤلاء إما أن يكونوا من الأبناء أو الزوجات أو الأقارب أو مجموعة المستشارين والمسؤولين المحيطين به، وهكذا فعل موغابي، فالرجل الذي كان من زعماء المقاومة في زيمبابوي ضد الاحتلال البريطاني حصل على احترام شعبه وحبه حينما حصلت بلاده على الاستقلال عام 1980 تولي بعدها السلطة ومازال فيها حتى الآن حيث حوّل البلاد إلى إقطاعية ونظام مستبد وحكم سلطوي يرفض التخلي عنه حتى بعدما بلغ الثالثة والتسعين، وبينما كانت نقطة ضعف حسني مبارك أولاده وزين العابدين بن علي زوجته والقذافي أولاده وعلي عبدالله صالح أولاده فقد كان نقطة ضعف ديكتاتور زيمبابوي زوجته غريس الموظفة البسيطة التي كانت تعمل طابعة كمبيوتر في قصر الرئاسة ووقع موغابي في غرامها حينما كانت زوجته الأولي تعاني مرض السرطان في تسعينيات القرن الماضي، ولم يكتف موغابي بالوقوع في غرامها وهي كانت تصغره بأربعين عاما وإنما أنجب منها طفلين دون زواج ثم تزوج بها بعد وفاة زوجته الأولى وترك لها مقاليد الحكم، حيث وجدت غريس التي جاءت من القاع نفسها في القمة، وكما كانت إيمليدا ماركوس زوجة ديكتاتور الفلبين الأسبق ماركوس مغرمة بالأحذية الفاخرة لأنها كانت وهي صغيرة فقيرة وتمشي حافية القدمين حتى وجد في خزانات ملابس قصرها حينما أطاح الشعب بزوجها 3000 زوج من الأحذية فقد تحولت غريس موغابي من موظفة فقيرة إلى سيدة أولى شرهة بالتسوق من أفخم الماركات العالمية وبمبالغ خيالية حتى أطلق عليها الشعب لقب «غوتشي» نسبة للماركة الشهيرة، وتولت كل المناصب النسائية الرفيعة في الدولة والحزب، وأصبح لها نفوذها البالغ في إدارة الدولة ولم يقف طموحها عند ذلك بل إن إنها أجبرت موغابي أن يقيل نائبه وأن يهيئ لها خلافته في رئاسة الدولة بعدما بلغ الثالثة والتسعين، هنا تحرك الجيش في الأسبوع الماضي ومعه الشعب أخيراً لوضع حد لتلك المهزلة.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
21/11/2017
9408