+ A
A -
على مائدة العشاء، في منزل سني في منطقة شرقية مسيحية في لبنان، والحضور فلسطيني سني، لبناني سني وآخر مسيحي، وثالث درزي ورابع شيعي، كان ذلك قبل اندلاع الحرب الأهلية.. قالت ليديا الفرنسية، زوجة إبراهيم السني: نحن نرى لبنان في قلبنا، ولن نتخلى عنه، أيدها الفلسطيني واللبناني السني.
لم يمض الوقت طويلا، وحين أصبح رأس العماد عون مطلوبا لسوريا تدخلت فرنسا وأخرجته من لبنان ليعيش هناك خمسة عشر عاما، وأجاد عون اللعبة السياسية وسار على الحبال بدعم فرنسي- سني لبناني وتوافق شيعي إلى أن يصبح رئيساً للبنان،
ولبنان على مدى التاريخ هو محل صراع للقوى ومن هو الأقوى يفرض كلمته على الحكومة. ومجلس النواب وقصر بعبدا، وبتوافق، فرنسا الراعية للحرية تركت لبنان ليواصل البناء في مرحلة الحريري الأب الذي جاء لها بالأموال من السعودية، وتركت حزب الله يواصل بناء قوته بدعم إيراني.
السعودية التي ترى في إيران هي عدوها في اليمن والبحرين والأحساء، تريد أن تعود لدورها الذي ضاع في لبنان، فمارست القوة والإذلال على رجلها في لبنان حامل جنسيتها ابن رفيق الحريري الذي اغتيل حين صمم على أن ينأى بالنفس عن سوريا وإيران ويستقر بالقرار اللبناني، فلم تستطع السعودية حمايته فتناثر جسده في باطن الأرض، وهو ما استشعره الحريري، وبدل أن تحميه الرياض جاءت به لتوجه له هذه الصفعة ولم ينقذه منها إلا فرنسا، لتؤكد ثبات سياستها تجاه بلد مازال في قلبها، فلم يتردد الحريري من قبول الدعوة التي وجهها له الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بالقدوم مع عائلته إلى باريس.
إنها العودة للشرق كما تقول «لوفيغارو» التي تحدثت في افتتاحيتها عن النجاح الدبلوماسي الفرنسي الكبير في إخراج سعد الحريري من إقامته الجبرية في العربية السعودية، بعنوان لافت «العودة إلى الشرق»، والتي وقّعها أرنو دي لاغرانج.
وبعد ما يقرب من ثلاثة عقود على إخراج فرنسا لرئيس الجمهورية اللبناني الحالي، ميشال عون، من لبنان، جاء الدور على الحريري.
لقد اعتاد لبنان منذ فترة طويلة، أن يأخذ تعليماته من الرياض وطهران ودمشق. وهو ما يقرأ فيه الصحفي الفرنسي مأساة هذا البلد، الذي تعتبر قوّة حياة سكانه مثارَ إعجابٍ أبديّ. فهل تعود فرنسا لتقول كفى لعبا بهذا البلد.
فهل نرى لبنان آمنا مطمئنا سالما بلا تدخل من أحد ونلتقي من جديد في منزل سني بحضور شيعي في منطقة مسيحية.
نبضة أخيرة
منذ طرق حرفك نافذة بوحي، سجد القلب في محراب عينيك يصلي لجلال بهائك.

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
18/11/2017
2218