+ A
A -
للحريري أن يقلق، وأن يخشى أن يكون مصيره هو مصير والده، بعد أن أعلنت السعودية العداء المطلق لحزب الله، وضغطها على من يحسب عليها وحامل جنسيتها أن يتخذ موقفا إما مع لبنان ويصبح هدفا سعوديا، أو مع السعودية ويصبح هدفا إيرانيا، خاصة بعد زيارة ولايتي له ولقائه به دون أن يتخذ موقفا معلنا مؤيدا للسعودية، فكان لا بد أن يأتي إلى الرياض ويعلن إما معنا أو معهم ومعه حق في أن يخشى أن يكون مصيره كمصير ثلاثة من روساء الحكومات أثناء وجودهم في الحكم، رياض الصلح ورشيد كرامي ووالده ورفيق الحريري، ورئيسي جمهورية، رينيه معوض وبشير الجميل.
كنا نفخر بلبنان حين يقولون إنه سويسرا الشرق، فهو البلد الأكثر حضارة وفق المفهوم الغربي للحضارة، ساهم في ذلك النهضة العلمية التي شهدها هذا البلد والانفتاح على الآخر واستيعابه لمختلف الطوائف.
فتجد فيه المسيحيين العرب والآراميين والسريان (موارنة وروم أورثوذكس وروم كاثوليك والإنجيليين) ومسيحيين من غير العرب (الأرمن «الأرثوذكس والكاثوليك والإنجيليين» والسريان واللاتين والأقباط) نسبة كبيرة من السكان، كما يشكل الدروز، ثم العلويون، والأكراد، والترك نسباً أخرى من السكان، كما ينقسم المسلمون إلى سنة وشيعة.
ويشكل المسلمون السنة بكل مذاهبهم النسبة الكبرى من السكان ويأتون في الترتيب الثاني بعد المسيحيين ثم يأتي الشيعة في الترتيب الثالث، لذلك حصل المسيحيون على منصب رئيس الجمهورية والوزراء للسنة والنواب للشيعة والحقائب الوزارية توزع بنِسَب في تركيبة جعلت من لبنان نموذجا للتعايش السلمي، وبهذا المنهج ذهب الرئيس سليمان فرنجيه إلى الأمم يرافقه ياسر عرفات عام 1974 ليطالب إسرائيل بالنموذج اللبناني للتعايش السلمي مع الفلسطينيين، ومن ذلك اليوم ولعت في لبنان ولم تهدأ.
وقد استغلت القوى الأجنبية وبعض القوى المحلية هذه التركيبة الطائفية المعقدة من أجل تحقيق مصالح سياسية واقتصادية، وذلك منذ القرن الثامن عشر الميلادي. غير أن ذروة هذا الاستغلال ظهرت خلال الحرب الأهلية اللبنانية بين 1975 إلى 1990. ولم يستطع لبنان منذ إنشائه، أن يستقل سياسياً واقتصادياً من الناحية العملية. وذلك بحكم اختلاف التوجهات السياسية لشتى طوائفه وأحزابه وتدخل بلدان المحيط في سياسته.
قلت لزميل لبناني يغني للبنان واصفا إياها سويسرا الشرق، لقد ظلمتم لبنان وفتحتم أبوابه ونوافذه على كل أطياف الجنون، واغتالت يد الغدر في لبنان الحديث رياض الصلح رئيس الحكومة عام 1951 وفي عام 1977 تم اغتيال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي كمال جنبلاط بإطلاق الرصاص على سيارته في بلدة دير دوريت بالشوف، وفي 13/6/1978 اغتيال الوزير طوني فرنجية وأفراد من عائلته في هجوم نفذته مجموعة من حزب الكتائب اللبنانية على منزله وفي عام 14/9/1982 تم اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب بشير الجميل بانفجار استهدف اجتماعا لحزب الكتائب في الأشرفية، قبل 9 أيام فقط من تسلمه منصبه الجديد وفي 1/6/1987 تم اغتيال رئيس الحكومة رشيد كرامي بتفجير قنبلة ناسفة في مروحية كان يستقلها من طرابلس إلى بيروت. وفي 16/5/1989 تم اغتيال مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد بتفجير عبوة ناسفة لدى مرور سيارته في بيروت وفي 22/11/1989 وقع اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض بعد تسلمه منصبه بمدة وجيزة بتفجير عبوة ناسفة استهدفت موكبه قرب القصر الحكومي في بيروت أثناء عودته من احتفال أقيم في ذكرى الاستقلال. إلى ذلك اغتيال غسان كنفاني والأمير الأحمر زوج جورجينا رزق السابق علي حسن سلامة وعشرات من القيادات والصحفيين الفلسطينيين واللبنانيين.
للحريري أن يقلق وكل هذا الجنون يتربص بلبنان، لكن هل تحميه فرنسا؟!!
اسألوا تل أبيب!
نبضة أخيرة
تعرفين أنك تحتلين بؤبؤ العين، وحرفك يملأ قلبه بضجيج العاشقين في ليالي التصوف، فأفردي شعرك على شاطئ وجنتيه.

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
17/11/2017
2509