+ A
A -
إنَّ موضوع الفضاء السيبراني أضحى جزءا من قانون الحرب، كما أنَّ مكافحة وقمع الأعمال الجرميَّة السيبرانيَّة أضحت ضرورةً قصوى ومطلبًا قانونيًا ودوليًا هامًا لا يمكن التهاون فيه، ومما لاشكَّ أنَّ القانون القطري قادرٌ وبامتياز للذودِ عن البلاد ورموزها وكل الكيانات المتضررة فيها ومن ضمنها اختراق وكالة الأنباء القطريَّة واتهام وسائل الإعلام القطرية بدعمها للإرهاب والمطالبة بإغلاق شبكة قنوات الجزيرة الإخباريَّة وكل وسائل الإعلام التي تدعمها قطر وغيرها من الأضرار المختلفة؛ وذلك عن طريق الإجراءات القانونيَّة الصحيحة، فدولةُ قطر؛ دولةُ مؤسسات، تحترم المعاهدات والاتفاقيات الثنائيَّة والإقليميَّة، وإنَّ هذه الأزمة أثبتت للمجتمع الدولي بشكلٍ صريح مصداقيَّة الدولة والتزامها القانوني والأخلاقي الراسخ، ومواجهتها لكل المخاطر المتربصة بها بأعلى درجات المهنيَّة والسمو، «وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ»، وفي ذلك أكد سعادة الدكتور حسن بن لحدان الحسن المهندي؛ وزير العدل، أنَّ وزارة العدل حريصة على متابعة الموقف القانوني للدولة، ومتابعة كافَّة أضرار الحصار داخليًا وخارجيًا، والنظر في كافة القضايا المتعلقة بالأضرار الاجتماعية والاقتصادية التي لحقت بالمواطنين القطريين، ومختلف الكيانات القطرية الشخصية منها والاعتبارية، جراءَ الإجراءات غير القانونية وغير المسبوقة في العلاقات بين الدول التي تحكمها اتفاقيات ومعاهدات وعقود تنظم هذه العلاقات، بما في ذلك العلاقات أثناء الأزمات.
عزيزي القارئ، لقد تعرضتُ مؤخرًا وعددٌ من زملائي الإعلاميين القطريين لسلسلة من الاعتداءات الممنهجة لاختراق حساباتنا الافتراضية في مختلف منصات الإعلام الجديد والتي نقوم خلالها من إيصال صوت الحق والضمير مع الالتزام بأخلاقياتنا ومهنيتنا الإعلاميّة، وبرأيي إنَّ جريمة الاختراق الإعلامي هي أخطر أنواع الاختراقات وأشدّها فتكًا وأعظمها أثرًا في أي حرب إعلاميَّة لا أخلاقية يخوضها أي خصم، ورغم كل تلك المحاولات التي مارسها وما زال يمارسها قراصنة دول الحصار إلا أنهم لم يتمكنوا من تحقيق هدفهم في تحطيم الإرادة الشعبيّة أو حتى نشر ثقافة الإحباط في الأوساط الجماهيرية وذلك من خلال إشاعة جو إعلامي كئيب يتصِّف بالفتن التي تأتي في سيناريو مكثّف من الإشاعات المدروسة والأكاذيب والمغالطات التي تخدع العامة وتفجير القنابل الدخانية التي لم تُعمِي إلا قلوبهم وأبصارهم وعطلت حواسهم وضميرهم.
إنَّ دولة الإمارات العربيَّة المتحدة الشقيقة؛ مارست نوعًا من أنواع الإرهاب الأخضر (الإرهاب المعلوماتي) والذي يُعَدّ من أخطر ما يمكن أن تواجهُه أي دولة في العالم، ففي العادة الفئة المدبِّرة لهذا النوع من الإرهاب تقوم بتنفيذ خططها التنفيذية دون أي تكلفة ولا حتى تتكبد أي مواجهة حقيقية ونزيهة في ميدان الحرب الجادّة، وإنَّ هذا النوع من أنواع الإرهاب المعلوماتي يندرج تحت مظلة استهداف نظم الاتصالات، حيثُ أنَّ منصة وكالة الأنباء القطرية تُعتبر منصةً اتصالية جماهيرية رسمية في الدولة، كان الهدف من اختراقها إحداث خلل كبير وتمزيق أساسي في آليات سريان الاتصال الإعلامي الرسمي في قطر، ونشر حالة من الرُعب والفوضى العارمة، التي لم تتحقق بأمر الله تعالى، ويجدُر بي الإشارة إلى أنَّ مجلس التعاون الخليجي بكونه منظمةً إقليميةً سياسية واقتصادية عربية؛ كانَ قد وقّع على عددٍ من المعاهدات والمواثيق التي تُلزم أعضاء المجلس على حماية أمن الدول الأعضاء وردع أيِّ عدوانٍ عسكريٍ وإلكترونيٍ تتعرّض لهُ، وكان آخر هذه المعاهدات المرتبطة بالأمن السيبراني للمجلس هي وثيقـة الريـاض لمكافحة جرائم تقنية المعلومات والتي لم تلتزم بها الإمارات بتورطها في هذه الجريمة الإلكترونية الشنعاء.
إنَّ الفساد السِياسِي العامّ يأخُذ أشكالًا متعَددة يأتِي على رأسِها الرشاوى المباشِرَة للقيادات السياسيَّة والإداريَّة، والرشاوى المستمرة التي تأخُذ صورًا متعددة منها تمويل الانتخابات ورشوة الناخبين، التبرعات للأحزاب السياسية، تعاون الأجهزة الحكومية الخاضعة لتلك الأحزاب أو التكتُلات في التحايل على تنفيذ قوانين الجمارك والرخَص التجارية والضرائب والسياسات الجنائية والسياسات الخارجية، وها نحنُ أيها القارئ العزيز في كُلِّ مكان نعيشُ عصرًا ثريًا بالفساد السياسِي والأيام حُبلى في هذه الدورة العمرية بسيناريوهات غريبة في القريب والبعيد لدولٍ تكادُ تبيع اسمها في سوق الفاسد الأسود لأجل تحقيق مآربها الشيطانية، وها هي الأيامُ كذلك تفضَحُ دسائس دول الحصار يومًا بعدَ يوم لتضعها أمامنا في وجبات ميلودرامية متواترة تكشِف الظُلم والبُهتان والجُور الذي تعرضت وتتعرضُ لهُ قطر من قِبَل دُوَل الجوار التي أصبحت أقرب للعاريّة أمام الرأي العام الدولي.
أليس من المعيب والمشين أن تقوم حكوماتٌ تاريخُها يمتدّ لسنين طويلة بتضليل الرأي العام الدولي والمحلي، عيبُ وشنارٌ عليها أن تمارس هذه الجهود الضالّة غير الأخلاقية لتتستّر تحت غِطاء المجتمع الدولي وتضغط على المقررين الخاصين التابعين لمجلس حقوق الإنسان، وتخالف كافّة الأعراف والأساليب المهنية المتبعة في العمل بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي بشكلٍ خاص والأمم المتحدة والقانون الدولي بشكلٍ عام، هؤلاء لا يبتغون إلا تشويه صورة قطر في أي شكلٍ من الأشكال وربطها برعاية الإرهاب وانتهاك حقوق العمالة الآسيوية.
لقد تعلمنا منذُ الصِغَر أنَّ الأنظمة السياسية الدكتاتورية في كُل مكان دائمًا ما كانت ترفع شِعاراتٍ ضدَّ الفساد، إلا أنّها عجزَت على الدوام عن إثبات صحَّة ادعاءاتها تلك؛ حيثُ دائمًا هُناك فضيحة تنتظرها في أقرب الآجال، فهي لا تستطيع نهائيًا أن تُطبّق شعاراتِها على أرض الواقع، إنَّهُ من العَيب أن يتمّ استخدام السُلطَة العامّة من أجل تحقيق مآرِب خاصّة، تستحق الإمارات أن تتورَط في جريمة جديدة يُلاحقها بسببه القانون الدُوَلِي، فالتحالُفات والمؤسسات الدولَّية ستقوم بدورها في القبض على المذنبين ومحاكمتهم ومقاضاتهم وإصدار الأحكام الجزائية في حقهم.
مرحى لكم سقطاتكم الأخلاقية والسياسية والقانونية والفنيّة والإعلامية إلخ. أبدعتم!
إعلامية وباحثة أكاديمية
- جامعة قطر
بقلم : خولة مرتضوي
copy short url   نسخ
17/11/2017
2949