+ A
A -
لاشك وأنَّ العمل في مجتمع الطلاب الفسيفسائي المختلف الميول والطبقات ذي الطاقة الاندفاعية العليا يفضي بشكل أو بآخر إلى ايقاظ جذوة الهمم وتفعيلها في كل نواحي الأنشطة والفعاليات التي تحقق لهذا المجتمع تطلعاته الثورية المتقدة، وأقصد بالثورة في هذا المقال الرغبة في التغيير وإحداث الأثر الطيب، وإنّه لا غضاضة على أنَّ الشباب ثروةٌ كذلك، لا يمكن الاستهانة بهم، فكل حكومات اليوم تبني رؤاها وطموحاتها الاستراتيجية للجيل القادم الذي سيحمل عنها مسؤولية الحفاظ على الموارد المتنوعة وديمومتها في شكلها التنموي مع المحافظة على الثوابت الأساسية، وفي الحقيقة أجدني محظوظة بالعمل في مجتمع جامعي يضم أرخبيلا كبيرا من الطلاب والطالبات النشيطين والذين يتبنون في كل موسم وكل فصل مبادرات ثورية تغييرية تؤدي أدوارًا هامة في المجتمع كدور الإغاثة الإنسانية الدولية، ودور التوعية المجتمعية، ودور التطوع في الأنشطة والمناسبات المحلية وما إلى ذلك من نشاطات مختلفة، والتي أجدها فرصة شخصية لإيقاد طاقتي الذاتية وتفعيلها معهم قدر المستطاع وسبر عقولهم النيرة عن قرب والافادة لهم بعون الله، والاستفادة منهم بكل تأكيد.
وحقيقةً كان المهم جدا أن أشير إلى مبادرتين طلابيتين رائعتين قمنا مؤخرا بدعمهما في فرع الإعلام برابطة الخريجين بجامعة قطر، فالأولى كانت حملة إغاثية إنسانية بعنوان: (معاً لِنُصرة حلب) والتي بادر بها عدد من الطلاب والطالبات في مركز التطوع والخدمة المجتمعية بالجامعة، فلاشكَ أنَّ مُصاب وألم الأمة تجاه المأساة السورية واحد، فهو يعكس فيما يعكس، روح التنادي إلى النصرة بما هو متاح لدى شعوب العالم، وتلبيًة لواجب النُصرة، جاءت هذه المبادرة الطلابية المتميزة التي دُعِمَت من فرع الإعلام ومركز التطوع بجامعة قطر والهلال الأحمر القطري، وبالفعل أجد يوما بعد يوم أن الطلاب يتقدمون نحو هدفهم الإغاثي بالتخطيط والتنظيم وإدراج فعاليات خيرية جديدة تستهدف المجتمع الجامعي، فبهم أفتخر ويفتخر الكثيرون خاصة وأنّهم يُعَبرون في هذا النشاط الإغاثي عن مدى ترقيهم الإنساني الجميل.
كما أود أن أُقدم تحية للمشروع والبادرة الطلابية المميزة: (اقرأ وارتقِ) والذي يهدف بدوره لسبر الآفاق التي تتيحها القراءة ومحاولة إعادة إحياء ثقافة القراءة الغائبة في المجتمع، حيثُ بدأت الحملة بتنظيم عدد من الفعاليات التي تدعو إلى تأصيل ثقافة القراءة في حياة طالب العلم، منها ندوة (القراءة بين الواقع والمأمول) والتي حاضر بها عدد من الأساتذة الجامعيين، وندوة: (اقرأ باسم ربك الذي خلق: من أجل بناء ثقافة القراءة) وورشة عمل: (كيف تكتب مقالا أكاديميا قصيرا) وغيرها من الفعاليات التنموية الرائعة، فكُل التحية للشباب القائمين على هذا المشروع الرائد ولكافة الداعمين له ابتداءا من جامعة قطر، وشبكة قراء جامعة قطر، واللجنة الثقافية بنادي الوكرة، وفرع الإعلام برابطة خريجي جامعة قطر.
وفي الختام، يُنادي العالم أجمع إلى أهمية مد يد العون للطاقات الشبابية الكامنة في المجتمعات، والتي تبحث دوما عن جهات تتبنى أفكارها وتدعمها ماديا ومعنويا، وحقيقة لا يشُح مجتمعنا من هؤلاء، فمعين الشباب المبادر لا ينضب لدينا، لكن يبقى أن يجد له اليد الداعمة في كُل حين، فالشباب هم مصدر الانطلاقة للأمة ولذلك هم يملكون طاقات هائلة لا يمكن وصفها، وبالسهو عنها يكون الانطلاق بطيئا، والبناء هشاً، والصناعة بائدة، والمذلة واضحة، والتطلع المنشود هو اكتشاف الطاقات للشباب، ومن ثم توجيهها إلى من يهتم بها ويفعّلها التفعيل المدروس، حتى يتم استثمارها، واعتبر كما يعتبر الاستراتيجيون بأن هذا المشروع الاستثماري له أرباحٌ مضمونة متى ما وَجَد اهتماماً بالغاً من الحكومات والمؤسسات، والتطُلع المَنشود من خلال هذا المحور هو عملية تعديل إيجابي تتناول طاقة الشاب وتنمّيها حتى يكتسب المهارة والإتقان.
ونحنُ من خلال هذه الإضاءات نتطلع إلى المستقبل الذي يحتفي ويربي، ويستثمر، ويحمي الشباب، لأن الشباب هم مقياس تقدم الأمم وتأخرها، والواقع اليوم يشهد قلة اهتمام من الحكومات والمؤسسات في الاهتمام بأعظم ثروة عندها وهي الشباب، فالنتاج اليوم وكل يوم نجد بأنه نتيجة أعمال فردية مرتجلة لا يسبقها تخطيط واضح، وعمل مترجم، ورؤية مستقبلية ناضجة، ونحن بهذا الحكم لا ننكر بروز بعض الجهود المبذولة في خدمة الشباب، إلا أن ذلك يعتبر نقطة في بحر مما يجب فعله لهذه الثروات القوية التي تتجدد بتجدد الأيام والأعوام.

إعلامية وباحثة أكاديمية
بقلم : خولة مرتضوي
copy short url   نسخ
20/05/2016
1184