+ A
A -
مع مرور الأيام تزداد الأزمة تعقيدا وخطورة. داخليا واقليميا. سعد الحريري أعلن من الرياض قبل عشرة أيام استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية. لكنه إلى اليوم لم يعد إلى بيروت ولم يرجع عن استقالته، على أساس ان هناك من يعتبر انه أعلنها مرغما وتحت الضغط. وفي مقدمة هؤلاء رئيس الجمهورية ميشال عون الذي لا يزال يتريث في اتخاذ الخطوات التي يمليها عليه الدستور. وبالأمس صعد من لهجته مطالبا المملكة السعودية ب»ايضاحات حول وضع رئيس حكومة لبنان المخالف للقوانين والاعراف الدولية». ويعتبر عون ورئيس المجلس نبيه بري ان الحكومة ما زالت قائمة، ويرفض اجراء استشارات نيابية ملزمة بحسب الدستور من اجل اختيار شخصية سياسية تحظى بأكثرية برلمانية تخولها تشكيل حكومة جديدة.
لبنان يبدو بالتالي معلقا. غيوم إقليمية تتلبد في الاجواء اللبنانية. الرأي العام في ذهول، والناس تبدو في حيرة من أمرها. متعاطفة مع الحريري وخائفة من المجهول. هل ان لبنان سيتحول إلى ساحة مواجهة اقليمية بين السعودية وإيران! هناك من يعتبر ان ما حصل هو نتيجة لارتهان الدولة اللبنانية لقرار «حزب الله».
وبدا لافتا في هذا السياق الحرص غير المسبوق على كرامة الحريري والتمسك به رئيسا للحكومة، من قبل الذين تستهدفهم الحملة السعودية، أي أخصام الحريري وتحديدا «حزب الله» وزعيمه حسن نصرالله الذي طالب السعودية بمعرفة «مصير رئيس حكومتنا... هل تعرض لضغوط أو هل هو محتجز أم قيد الاقامة الجبرية؟!». ونصب نفسه خبيرا دستوريا ومقررا عن الدولة معتبرا ان «استقالة الحريري غير دستورية وغير شرعية وغير قانونية»؟! الا انه تناسى ان فريقه أسقط حكومة الحريري الأولى (2010) عندما كان هو في الخارج وأبقي خمس سنوات في الخارج. ويحاول هذا الفريق اليوم احتضان الحريري لتحويل الانظار عن تورط «حزب الله» كذراع عسكري لإيران في المنطقة إلى محاولة لتأليب جمهور الحريري (والشارع السنّي تحديدا) ضد السعودية التي «تحتجز حرية الحريري». رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وصف هذا الحرص بانه «ذرف لدموع التماسيح»، وتوجه إلى نصرالله قائلا ان «الحل بسيط فلينسحب «حزب الله» من أزمات المنطقة».
انها فرصة لإرباك الخصم ومحاولة الالتفاف على موضوع الخلاف الرئيسي ودور «حزب الله» المتنامي وميليشياته في المواجهات الاقليمية على مدى ساحات الصراع المفتوحة، في سوريا والعراق واليمن ولبنان، ومؤخرا الكويت بعد ان احتجت حكومته لدى لبنان على دور «حزب الله» في ما بات يعرف بـ«خلية العبدلي» الإرهابية.
لذلك، فان السعودية تصر على وضع حد لدور «حزب الله» ابتداء من لبنان بعد ان اكتشفت دوره الخطير في اطلاق الصاروخ الباليستي الذي سقط في محيط مطار الرياض الاسبوع الماضي، ودوره في تدريب وتسليح الحوثيين في اليمن. وتعتبر المملكة بالتالي انه آن الاوان لوضع حد لتدخلاته ولدوره التخريبي. وهي لذلك عاتبة بشدة على الحريري، الذي حملها على القبول بالتسوية التي عقدها قبل عام، والتي قضت بانتخاب عون رئيسا للجمهورية وبعودة الحريري نفسه إلى رئاسة الحكومة. كما قضت الصفقة ان يبتعد عون عن «حزب الله» ويسلك سياسة اعتدال وحياد على الصعيدين الداخلي والاقليمي. ومن هذا المنطلق باركت الرياض انتخاب عون، وكانت أول من هنأه عربيا واستقبله في زيارة رسمية. وهي اليوم تشعر بشيء من الخديعة، سواء من عون الذي يدافع عن سلاح «حزب الله» في كل مناسبة، أو من الحريري بالذات. ويبدو انها ماضية في تصعيدها. أين، وكيف؟ توجيه ضربة عسكرية له في سوريا؟
بقلم: سعد كيوان
copy short url   نسخ
14/11/2017
2298