+ A
A -
واقعنا، في هذه المنطقة من العالم، هو من نيران إلى نيران.. ومن فرار إلى فرار، ومن كوارث إنسانية إلى كوارث إنسانية، ومن نقص في الأموال والثمرات، إلى نقص.. ومن كل ذلك نبكي، ونستبكي.. ومن شدة الاثنين نضحك. إنها رقصة الطير الذبيح!
انظروا إلى كم النكات والطرائف والملح والقفشات، التي تتزاحم في مواقع التواصل الاجتماعي، في خضم كل هذا الألم.
نضحك، ونتضاحك، لكأنما كل الذي هو فينا لا يعنينا، وأعظم ما هو فينا هو الخيبة.. وهو الفشل الذريع في الوصول إلى الخلاص!
الخيبة؟
أي نعم.. وأعظم ما تبتلى به أية أمة من الأمم، هو الخيبة.
تندلع النيران بيننا، ومن خيبتنا نظل نبحث عن الإطفائيين، في بلاد طيرها أعجمي!
تتقسم أوطاننا، وتتشظى، ومن خيبتنا، نساهم نحن في هذا التقسيم والتشظي، والتفتيت.
تحاصرنا الكوارث.. فنستصرخ الآخرين، لكأنما نحن بلا مروءة، ولا نجدة.. وليس من بين تعاليمنا السماوية إغاثة الملهوف!
إنها الخيبة- إذن- ومن يرى غيرها، لا يعرف الخيبة.. ولا الخائبين!
الضحك، أي نعم.. هو محاولة للهروب من واقع بائس وتعيس، مؤلم وكارثي ومخيف.. وهو من هنا محاولة بائسة للهروب.. وفي الهروب عجز عن المواجهة، والمنازلة.. وفي العجز خيبة!
اسمحوا لي إذن، أن أقول عن كل هذا الضحك الفج، في مواقع التواصل، في مثل هذا الوقت المخيف، هو نوع من الفجاجة. وهو في النهاية عدم اكتراث بكل الذي يحدث الآن.. وبكل ما قد يحدث.. وهو مأساوي، وذلك أقل توصيف للحالة التي نحن فيها الآن!
الجدية، ليست مطلوبة من الدولة- أي دولة.
الجدية، مطلوبة من كل فرد.. والأفراد جميعا هم في النهاية، الأمة.. أي أمة.. والأمم الجادة، هي الأمم التي تعبر بأقل الخسائر، إلى بر الأمان، في الوقت الصعيب.. والمخيف معا.
لنترك إذن، كل هذا الضحك في وقت البكاء..
هذا لا يليقُ بالأسوياء.. ولا يليقُ بمن في قلبه مثقال ذرة من إحساس بالألم.. بل بالفجيعة.
مثل هذا الضحك، هو أشبه بمن يتندر، في سرادق العزاء، ونحيب النائحات، حار.. يمزق نياط القلب.. والرجال من نهنهة بكاء إلى نهنهة بكاء!
ارحمونا من كل هذا الضحك، يرحمكم من في السماء!
بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
09/11/2017
2918