+ A
A -
لم يكد سعد الحريري يهز الشرق الاوسط باستقالته المفاجئة، حتى سارعت البحرين الى دعوة رعاياها المقيمين في لبنان إلى مغادرته على الفور، وبقية البحرينيين إلى عدم السفر الى هناك.
وقد بدت المنامة برد فعلها السريع واللافت وكأنها تملك معلومات مهمة تخص عواقب وتبعات تلك الاستقالة، التي لم تُستقبل من أحد تقريبا بذات القلق والترقب اللذين أبدتهما الحكومة البحرينية.
وعلى كل حال، فإن ما حدث مساء السبت، فيما يتعلق باحتواء استقالة الحريري على انتقادات وتهديدات غير مسبوقة الى ايران، ليس سهلا ولا أمرا عابرا، ذلك ان رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل لم يكتف في خطاب الاستقالة باتهام طهران بـ »زرع الفتن والدمار في العالم العربي«، بل دعا الى »قطع يدها وأيدي اتباعها في المنطقة«.
وما يزيد من خطورة التطورات التي تزامنت مع استقالة الحريري، ان العبارات التي استخدمها في الفيديو المسجل في الرياض، تستدعي التوقف عندها.
ومن المهم ايضا ان تلك التوصيفات الواردة في نص الاستقالة، تفاعلت مع الصدمة والترويع اللذين رافقا اطلاق صاروخ بالستي على مطار الملك خالد في الرياض من الاراضي اليمنية، وهو ما اعتُبر ردا عمليا وفوريا على السعودية، حمّل الرئيس الاميركي ترامب مسؤولية اطلاقه الى ايران، حتى وإنْ كان الحوثيون هم الذين أشعلوا الصاعق.
ويَصْعد مؤشر الخطر الى مستويات مقلقة جراء ما قد تعتبره طهران تجاسرا واستفزازا لافتين، اتضح من خلالهما تبني السعودية كل حرف من خطاب الحريري الذي بدا وهو ينشر في اليوم التالي صورته برفقة سفير الرياض الجديد لدى لبنان، كمن وجه سهما ملغما الى بيروت وطهران معا، مدعوما بثناء رئاسي اميركي على حملة الملك سلمان بن عبدالعزيز ضد رؤوس الفساد.
تلك الرؤوس ليست عادية منصباً أو مالاً، ذلك انها تخفي وراءها الكثير من الخبايا التي ما زال معظمها كامناً في الجزء الاكبر من جبل الجليد، الذي لا تظهر منه سوى قمته الطافية. وأخشى ما نخشاه ان تَصْدُقَ التوقعات الأسوأ، التي عبر عنها الاعلام اللبناني عندما حذر من تحويل لبنان الى ساحة صراع اقليمي آخر، مشابه لصراعات مخيفة عاشها ذلك البلد الصغير في العقود الثلاثة الاخيرة من القرن العشرين.
هذا ما لا نرجوه للبنان الذي كانت مخابرات الدنيا تعيث خرابا فيه، إضافة الى اقتتال اهلي بين الميليشيات الطائفية المحلية، بمشاركة الجيش والفصائل الفلسطينية بكل اطيافها.
وقد عبر الكاتب اللبناني سركيس ابوزيد عن هذه المخاوف عندما اعتبر استقالة الحريري »رسالة كبيرة« الى ايران وحزب الله، مما يؤكد، حسب قوله، ان هناك مواجهة مفتوحة بين السعودية وايران، سيكون لها بالطبع انعكاسات قد تتضح ملامحها في الايام المقبلة.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
07/11/2017
2675