+ A
A -
قبل صلاة الفجر بقليل، جل الدوحة نائمة، وسكان المنطقة نائمون، فجأة رن الجوال! سمعته.. تقلبت في الفراش.. تمنيت أن يسكت.. فركت عيني.. استيقظت.. أخذت أردد.. خير إن شاء الله.. ناظرت الشاشة.. الرقم طويل.. غريب.. قلت في نفسي، ربما يكون رقم أحد السحرة الذين اعتدنا على اتصالاتهم! أو أحد المتسولين أو المنجمين الذين يدّعون معرفة المستقبل! وحتى أحسم الموقف.. أجبت.. آلوووو.. نعم.. من؟ رد الطرف الآخر.. وهنا المفاجأة! معك البيت الأبيض الأميركي! الرئيس دونالد جون ترامب! معك على الخط! طار النوم من عيني! وازدادت ضربات القلب! وانتابتني حالة من النفضة والارتباك! وحالة من عدم الاستقرار! لكني حاولت أن أستنفر كل حواسي.. أهلاً وسهلاً وWELCOME بأميركا ورئيسها رجل الأعمال والملياردير والإعلامي والمؤلف ورئيس مجلس إدارة منظمة ترامب المهتمة بالتطوير العقاري في أنحاء العالم! صديقنا.. وحبيبنا.. مستر ترامب.. هنا ضحك وقهقه من قلبه باستعلاء كعادة الأميركان! قال: أزعجتك! قلت عيب.. أبداً أبداً.. سيدي الرئيس.. أنت تتصل متى شئت.. وأخذت أنشد مما أحفظ.. الأسد يا ترامب يبقى أسد.. والذهب مهما دفن يبقى ثمين.. يا صديق العمر قدرك ما يعد.. والصداقة ما تغيرها الأزمة والسنين.. والحصار اللي مخيم ع البلد.. راح ينفك مع إخواننا الطيبين.. والجمايل باقية طول الأبد.. بينا وبينهم حب طول السنين..
هنا قاطعني.. DOES NOT MATTER WHAT YOU SAY BUT IS APPRECIATED IT.. لا يهم ما تقول ولكن مقدر.. ثم قال: أردت أن تعرف بصفتك كاتبا في جريدة الوطن القطرية وأحد الإعلاميين والمهتمين والمتابعين للأزمة.. أن تعرف قبل غيرك أن الأزمة قد انتهت إلى غير رجعة! ابتلعت جهلي! وقلت: أي أزمة؟ وواصلت: إن الوطن العربي كله أزمات وخناقات وخلافات وصراعات وتناحرات! قال غاضباً! أزمة الحصار.. قلت.. عندكم أم عندنا! – وأنا أردد سكنهم في مساكنهم– وأقرأ آيات الكرسي والمعوذات في قلبي.. قال عندكم.. حصاركم مع جيرانكم الـ4، هنا التبس الأمر عندي.. فقلت الـ4 هذا شعار شهداء رابعة في تلك البلاد! قال لا.. الحصار على دولتكم وعلى شعبكم.. هنا قفزت من فرحتي وقلت له بشكل عفوي «بذمتك»– مع العلم أن ذمته وسيعة..! قال: نعم.. لقد رأينا وتوصلنا في اجتماعات البيت الأبيض إلى أن مصالحنا بالمنطقة قد تتضرر من جراء هذا الحصار! فوجدنا أن من الأجدى والأنفع حل الخلاف وفك الحصار «بالتي أو اللتية»، واستطرد أن ما يحدث في منطقتكم نتيجة أخطاء من أطراف كثيرة– لم يسمها بالاسم– تحتم على أميركا وقف هذه اللعبة حتى لا تسفر مستقبلاً عن أحقاد وكراهية تتراكم مع الزمن.. وتسفر عنها مشاكل وتهديد لمصالح أميركا نحن في غنى عنها! ولغة التهديد والوعيد والتلويح بالغزو والحصار والتأزيم غير مقبولة عندنا.. خاصة ونحن نمثل الرأس في العالم الديمقراطي الحر المتحضر في العالم.. فكيف نرضى بهذا السفه ولعب العيال.. من عيال هذا.. وعيال ذاك؟!!!
هنا قلت للرئيس ترامب: شكراً على اهتمامكم.. ومتى سنظفر بالمصالحة بين دولنا؟! قال: نحن الآن طوقنا الأزمة وحجمنا أطرافها! وعليكم بسرعة تشكيل وفود «دبلوماسية شعبية» وفود ثقاة مشتركة من الدول الست تطوف الخليج لتقرب وجهات النظر وحل الخلافات العالقة بينكم.. على الأقل أفضل من تبذير دولكم ملايين الدولارات على حملات دعائية ضد بعضكم البعض! عندنا في أميركا أو دول الغرب! وحينها يصدق فيكم المثل الأميركي «رزق الهبل على المجانين»، هنا قلت «مغتاظاً»، لا يا سيدي.. هذا مثل من العصر المملوكي وليس لكم و... وهنا شعرت أنني وقعت من السرير الطبي الذي أنام عليه نحو الأرض المفروشة بالباركيه الأبيض.. مفاجأة.. كنت في حلم! في كابوس! في اتصال وهمي مع مستر ترامب والد إيفانكا الشحرورة.
اللهم اجعله خيراً، اللهم إنا نسألك أن تحل أزمتنا مع أشقائنا وأن تقلب محنتنا منحة لنا، وتبدل ترحنا فرحاً، وحصارنا فرجاً، واجعل لنا من كل ضائقة مخرجاً، ومن علينا بالوفاق والاتفاق مع إخوتنا واحفظ خليجنا من كل مكروه، ورحم الله قارئاً قال آمين.. آمين.. آمين.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
بقلم : يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
05/11/2017
2058