+ A
A -
وحشية التواطؤ البريطاني !
ليس المدهش ان يتصارع الخير والشر، لكن ما يثير الاستغراب هو اعتقاد الاشرار اثناء طغيانهم انه لن تقوم قائمة للأخيار أبدا، غير ان شعاع الحق لا يخبو مهما بدا، في كثير من الاحيان، منطفئا. هذه الخطيئة يقع فيها الحكام مهما تعمقت ديمقراطيتهم ودفاعهم الكاذب في الواقع، عن الحرية وحقوق الانسان، وعلى رأس هؤلاء بريطانيا التي سميت عظمى وما هي على ارض الفعل سوى صغيرة جدا في كل ما يتعلق بالمعايير الاخلاقية.
لقد أرسى آرثر بلفور وزير الخارجية البريطاني، في الثاني من نوفمبر 1917 ما ظن هو ومن حركوه من صهاينة او متصهينين (هم في الحقيقة قلة متعصبة منحرفة وحاقدة)، انه رغبة إلهية مزعومة بمنح اليهود وطنا في فلسطين.
ومن سخريات ذلك الوعد الفاضح ان أولئك اللصوص استولوا ايضا على »الجزء الآخر« من الأرض الذي حفظه اللورد بلفور للمجتمعات الفلسطينية، مثلما سماهم، كما لو انهم من حثالات البشر، رغم ان فلسطين وصلت في عهد الانتداب الى وضع الدولة التي تنتظر اعلانها رسميا، قبل ان يتبين انهم كانوا يجهزونها لشذاذ الآفاق الصهاينة.
المفهوم ذاته ما زال ساريا، وظهر جليا في تبادل الانخاب بين تيريزا ماي ونتانياهو بمناسبة انقضاء مائة عام على الوعد الذي يتزايد عدد البريطانيين الذين يمقتونه ويطأطئون رؤوسهم خجلا لارتباطه باسم بلادهم.
وإذا كان عشرات البرلمانيين البريطانيين والاسكتلنديين قد عمموا رسالة منهم تدعو لندن للاعتراف بفلسطين على حدود الرابع من يونيو 1967، فقد اختاروا ذكرى الوعد المخجل، لمطالبة البريطانيين بالتكفير عن ذنبهم التاريخي، فيما اختار ستون اكاديميا السير 136 يوما على الأقدام من لندن الى القدس، لتنبيه العالم الى النتائج الكارثية لذلك الوعد.
وحتى اليهود المتنورون القادرون على استشراف النهاية القاتمة للمشروع الشرير، يقرون بأن الأرض هي لمن يسكنها وليس لمن يحلم بالاستيطان فيها، وبأن التصريح الاستعماري البريطاني الممثّل بوعد بلفور، لم يكن وفيا لأي مقدار من العدالة، مهما كان ضئيلا.
لا تحتاج المسألة الى محامين أفذاذ لإثبات بطلان الوعد ووحشية التواطؤ البريطاني، فكل شيء واضح تماماً بالنسبة لعدم شرعية اسرائيل بالمطلق، كدولة.
أما الادعاء بأن الفلسطينيين لا يرغبون أصلا بالعودة، فمردود عليه بالقول ان حقهم بأملاكهم وأراضيهم محفوظ لهم ولأحفادهم دون نقاش. وإذا كان من المعقول الافتراض ان المهاجرين الفلسطينيين الى اميركا وكندا وأوروبا وربما أيضا الذين ارسوا حياة جيدة في الاردن ودول الخليج سيفضلون التعويض، فإن ملايين اللاجئين في سوريا ولبنان وغزة ومناطق اخرى، يريدون حقهم المقدس في العودة الى منازلهم وأراضيهم.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
03/11/2017
3148