+ A
A -
في التربية هناك قاعدة معروفة: «الولد إن لم تشغله شغلك» بمعنى أن عليك كمربٍّ أن تشغل أبناءك بما يفيدهم، ويستنفد جهودهم، وهذه القاعدة كانت من مهام المربين والمعلمين قبل أن يتم اكتشاف الأجهزة الإلكترونية، وانتشارها بهذه الطريقة الكاسحة في شتى بلدان العالم، بسبب السماوات المفتوحة، وسهولة التواصل.
وقد كان الحي - وهو الدائرة الثالثة في التربية بعد البيت والمدرسة- يشغل الصبية بما يمتص طاقاتهم، ونشاطهم، من خلال الألعاب الجماعية التي يشارك فيها أبناء الحي «الفريق» واكتشاف قدراتهم ومهاراتهم ومواهبهم من خلال تلك المشاركات، وهو أمرٌ -من أسف- يكاد أن يبيد إلحاقاً بمبدأ «عاداتٌ سادت ثم بادت».
وهنا في كندا -حيث أقيم- حذرت طبيبة صحةٍ نفسيةٍ الآباءَ من ترك أبنائهم بصحبة الأجهزة الإلكترونية قبيل ساعات النوم، وعددت الطبيبة (البروفيسيرة) نحو عشرة أمراضٍ يمكن أن تتحكم في الأولاد إذا ما تركوا وتلك الأجهزة قبيل ذهابهم إلى الفراش، لعل أبرزها: أمراض السمنة، والقلق، وعدم التركيز، وضعف جهاز المناعة.. إلخ.
وحسب الآباء إحدى هذه البلاوي ليتنبهوا إلى وجوب منع أبنائهم من تلك الأجهزة بعد أذان المغرب، وإشغالهم بما يحرك طاقاتهم، ويحفزهم على التعامل مع الآخر، وكشف مواهبهم، وإمدادهم بشحناتٍ من التفاؤل وحب الحياة والإقبال عليها.
قبل أن يشيع التليفزيون في وطننا العربي الكبير، واختراع الأجهزة الحديثة في وسائل الاتصال، كانت جلسة المساء العائلية إحدى أهم فقرات اليوم في برامج الأطفال، حيث تجتمع العائلة وتتسامر، وتستمع إلى نشاط الأبناء في المدارس، وحكاياتهم في الحي، وغير ذلك، ولم يكن يزعج الصغار شيءٌ إلا إن كان في الأسرة من تثقّف على حكايات «أبو رجل مسلوخة»، أما الآن فنحن لا ندري ما تحتويه أجهزة التسلية الإلكترونية من بلاوٍ ومصائب تدمر صحة الطفل النفسية.
عودوا لحكايات الجدات، إن بقيت في ذواكركم، واعفوا أبناءكم من هذا الخلط الذي هو عبثٌ في عبثٍ، وحبذا لو شجعنا على إنتاج قصص وحكاياتٍ عالميةٍ ومن التراث بأسلوبٍ مصورٍ مبسَّطٍ ينفع لتسلية الأطفال وشحذ خيالهم بخصوبة المعلومة والصورة، كما هي مؤلفات كامل كيلاني للأطفال، التي نشأنا عليها.
بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
03/11/2017
3183