+ A
A -
غدا الثاني من نوفمبر، سيكون قد مر على اعلان وعد بلفور 100 عام، غير ان الذكرى المئوية السوداء لهذا الوعد المسؤول عن إغراق الشرق الاوسط والخليج في كافة اشكال الحقد والدمار والاقتتال، تحل بتناغم مثير للدهشة، مع تطورات كارثية في عالم عربي ساقط ومنهار.
لا يعني هذا بالطبع ان وعد بلفور غير قابل للشطب، او ان الدنيا ليست دوارة، ذلك ان دولة عظمى كالاتحاد السوفياتي لم تَدُمْ على الخريطة سوى سبعين عاما.
وفي الثلاثين عاما التي مرت على انهيار الامبراطورية السوفياتية، وبعدها الاتحاد اليوغسلافي، دخلت على الخريطة عشرون دولة جديدة، وفرض الارهاب بزعامة منظمات مرعبة كالقاعدة وداعش، نفسه كلاعب مهم على الساحة الاقليمية والدولية.لست مؤمنا بديمومة اسرائيل، مهما بدا ذلك ممكنا، جراء الحروب الطائفية والعرقية المتخلفة والمكلفة الدائرة بين القبائل السياسية والمذهبية. فالرواية الاسرائيلية التاريخية التي كان جزء من العالم يقبل بها، دفنت في العامين الماضيين لتفقد اسرائيل شرعيتها المزعومة أصلا، واحترقت حتى ورقة التوت الساترة لعورتها.
وعندما عبر نتانياهو علنا قبل ايام، عن مخاوفه من ان تفشل الدولة الصهيونية في الاحتفال بعيدها المئوي، كان يقارن ضمنا عمر البلاد التي سرقها اليهود بمساعدة الانجليز، بالعمر القصير الذي عاشه الاتحاد السوفياتي رغم عظمته.
لا احد قادرا على توقع ما سيحدث في منطقتنا بدقة، غير ان عناوين المرحلة تشي بالكثير، في غمرة تسارع غير مسبوق في تغيُّر المسارات والتوازنات ومعادلات القوى، ما اسفر عن تحالفات خاطفة تعقدها الدول الكبرى إقليميا ودوليا، مقارنة مع تكتلات اطول عمرا في السابق، وصلت في عهد الدولة العثمانية الى 623 عاما (1299 - 1923) وضمت تحت جناحيها خمسين دولة.
لكن العالم العربي الآن في طور الانهيار الكامل والشامل. ومن دلائله ان مصر تقصف ليبيا، والإمارات تشارك السعودية في قصف اليمن الذي تتعاظم احتمالات تقسيمه على غرار ما يخشى بوتين نفسه ان يحدث في سوريا. سقطت المحرمات وأصبح الضرب تحت الحزام، واختفت حدود ودول حتى بات الحصن الاخير الذي يمثله مجلس التعاون الخليجي مرشحا للانضمام الى الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي اللتين لا نسمع عنهما شيئا هذه الايام.
انهيار هذه المؤسسات التي عبّرت عقودا عن وحدة عربية وإسلامية فعالة نسبيا، تدحرجت على سلالم الجهل والكراهية والتنافس وسوء الادارة، وهو ما ادى الى شلل سياسي مروع ضرب العمل العربي المشترك ورسخ الحقد كبند أساسي في استراتيجيات دول تهتم بالتطبيع المجاني مع اسرائيل، اكثر بكثير من اهتمامها بإنهاء الازمة مع قطر. أما الدوحة ذاتها، فقد وُضعت امام خيار لا مفر منه وهو تعزيز علاقاتها مع تركيا وإيران، بعد ان تأكدت ان الهدف الأول لدول الحصار هو غزوها عسكريا ومصادرة قرارها المستقل!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
01/11/2017
2918