+ A
A -
لا. ليس مجرد تخيّل. يمكنني أن أقول- بإيمان- إن المحاور الأميركي الشهير تشارلي روز، لم يكن معجبا فقط، وإنما كان مزهوا، وقد وقر في ذهنه- للمرة الأولى- أن في الخليج زعامة تمتلك كل هذا الثبات، وكل تلك الرؤية، والجسارة، والفطنة.. وكل هذا التدفق العجيب في الكلام، وكل هذه السلاسة في طرح الأفكار.
البرنامج شهير جدا..
يكفي أن المحاور، هو روز.. بكل ما يمتلكه من حضور وإرباك، وصيت إعلامي..
يكفي ان الحوار في واحدة من أهم الشبكات التليفزيونية في الولايات المتحدة الأميركية.
يكفي أنها (سي. بى.إس) ستون دقيقة.. وبين كل سؤال وإجابة، كان روز ينظرُ في زهو، بعينيه الثاقبتين، إلى صاحب السمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
لو قدر لك، أن تسأل هذا المحاور الذكي، بعد كل إجابة من صاحب السمو، لكان قد قال لك- بالصدق كله والانبهار- إنني أمام زعيم خليجي، يعرفُ تماما ما يقول.. ويقول ما يقول بمنتهى
الانتباه، والثبات.. بكلمات محسوبة بميزان العقل والفؤاد والضمير، معا.
الزعيم الذي يقولُ ما يقول، وهو يتجمّل بكل تلكم الصفات- برغم أن وطنه تحت حصار جائر- لهو بالتأكيد زعيم لا تهزه نائبة.. زعيم لا يمكن إطلاقا أن يقدم تنازلا يؤلم ضميره هو، وضمير وطنه، ويؤلم ضمير شعبه.. ويؤلم ضمير كل الذين يتمسكون بثوابت مشروعهم الوطني، في كل زمان ومكان.
لم أكن داخل كيان المحاور روز، لكنني أكاد أقسم- الآن- أن هذا ما كان يُحدّث به نفسه، وهو ينظرُ- بعين الإطراء- إلى صاحب السمو، بُعيد كل إجابة.
ثم كان السؤال..
وكانت الإجابة القاطعة: سيادتنا خط أحمر.
لو كان من حق المحاور- أي محاور- أن يصفق على الهواء، لكان المحاور الأميركي، قد صفق لهذه الإجابة، التي لامست فيه شيئا عزيزا، تجاه وطنه- أميركا.. أميركا التي لا يمكن ان تتنازل عن سيادتها على أرضها، وقرارها.. والتي لا يمكن أن تتنازل عن سياساتها تحت أي ضغوط، أو إملاءات من أي دولة كانت.
ثم كان السؤال..
وكانت الإجابة الحاسمة، المتبوعة برؤية: «شبكة الجزيرة لن تغلق.. التاريخ سيسجل يوما خلال الخمسين أو الستين أو السبعين عاما المقبلة كيف غيرت هذه الشبكة مفهوم حرية التعبير في المنطقة».
ثم كان السؤال...
وكانت الإجابة: «إننى مستعد للتقدم عشرة آلاف ميل نحو الأشقاء في حال تقدموا مترا واحدا نحو المصالحة».
في تلك اللحظة بالتحديد، نظر تشارلي روز إلى صاحب السمو بإعجاب أكثر.. واحترام أكثر.. بل لو كنت أنت قد دققت في ملامحه، في تلك اللحظة- لكنت قد رأيتها قد اكتست بنوع من الزهو، بزعيم.. زعيم شاب «مختلف تماما عن كل الزعامات في تلك المنطقة الغنية، المحفوفة بمخاطر الأطماع والتوسعات.. ومخاطر الغيرة من بعض الأشقاء».
لئن يكتشف محاور ذكي، أنه أمام زعيم ذكي.. مختلف، صاحب ثبات على مواقفه، لن يُحدّث نفسه- بينه وبين نفسه- فقط، وإنما يحدثكم انتم بما كان يحدث هو به نفسه..
...وحدثنا المحاور روز، بلسان حاله.. وحاله كله إعجاب:
-هذا الأمير.. زعيم مختلف
-أجل يا مستر روز. شعبه كله يعرف ذلك.. ويعرف عنه ذلك كل العالم.

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
01/11/2017
2437