+ A
A -
من يتابع ما يجري سواء في العالم الإسلامي أو الدول الغربية يجد كأن تحالفا شيطانيا عالميا اجتمعت أطرافه من كل حدب وصوب همه الأول والأخير هو تشويه الإسلام وتدمير معانيه الإنسانية في نفوس العالمين وإظهار المسلمين على أنهم شياطين يريدون تدمير العالم وليس هدايته للحق والعدل وقيم الإنسانية العليا كما جاء في القرآن والسنة وكما تحمل معاني الإسلام.
ففي العالم العربي والإسلامي نصب كثير من السياسيين والعلمانيين وحتى بعض المسيحيين والملحدين والجهلة انفسهم كمفسرين للإسلام وممثلين لتعالميه يأخذون من آيات القرآن ومن الأحاديث النبوية ما يريدون ويفسرونه بما يوافق هواهم وفتحت لهم الفضائيات ليقولوا ما يشاؤون فيما انتصب آخرون ليشوهوا تاريخ الإسلام والمسلمين حتى أن محطات تليفزيونية عالمية مثل راديو سوا تعاقدت مع إعلاميين جهلة ومفكرين فاسدين حتى يقدموا حلقات يشرحون فيها للمسلمين والعالم «الدين الإسلامي الجديد» الذي يريدون نشره بين الناس، فيما التزم العلماء المسلمون في معظم أنحاء الدنيا الصمت مؤكدين حقيقة المشكلة الأزلية التي بدأت قبل قرون طويلة بين من يأخذون بزمام السلطة ومن يلتزمون بتعاليم الدين وذلك حينما أخذ السلاطين زمام الأمور في كل شيء ولم يتركوا للعلماء سوى السجون أو القتل إذا لم يلتزموا الصمت أو يجاروا السلاطين فيما يقولون ويفعلون إلا من رحم ربك، ولم يكن عجبا أن نجد إماما مثل الأمام أحمد بن حنبل وقد توفي وهو في السجن أو غيره من الأمثلة التي لا نهاية لها حيث لا تتوقف الفتن ولا يتوقف التضليل ولأن التاريخ هو المدرسة الرئيسية للبشرية فإن من يتجاوز التاريخ لا يمكن أن يفهم الحاضر ولا أن يستقرئ المستقبل، ولأن أحداث التاريخ لا تتكرر لكن الأشخاص يتغيرون بينما السلوكيات وربما الأقوال والأفعال تتكرر فإن ما نعيشه ليس جديدا لكن الجديد فيه أن ما كان يجري في التاريخ كان يجري في بقعة محدودة من الأرض الأندلس مثلا أو العراق أو الشام أو غيرها من أطراف الدنيا المختلفة لكن ما يجري الآن يجري في كل أنحاء الدنيا في آن واحد حيث يجتمع فيه المفسدون في المشرق والمغرب ففي الشرق الإسلامي الكل يسعى لتقديم فروض الطاعة والولاء والانبطاح والاتباع لما يرسم في الغرب حتى أنهم أصبحوا يأخذون دينهم مما تقرره العواصم الغربية وإسرائيل، أما في الغرب فإن مراكز الدراسات والأبحاث وأجهزة الاستخبارات والباحثين اليمينيين الذين يكرهون الإسلام اجتمعوا جميعا من أجل تشويه صورة الإسلام والمسلمين من خلال دراسات وتقارير ممولة بأموال طائلة حتى تقدم في النهاية صورة مشوهة للإسلام وأعلام المسلمين في كل أنحاء العالم، وتخلط الفاسد بالصالح والخطأ بالصواب والوسطية والاعتدال بالتطرف والمغالاة وأصبحت تدور كلها في إطار التشويه والتدمير والشيطنة، وليس ما يجري في العراق وسوريا واليمن وليبيا ودفع الدول الأربع لتحاصر قطر ومحاولة الانقلاب في تركيا وغيرها مما يجري في المنطقة إلا جزء من هذه المؤامرات والمخططات، لكن من يقرأ التاريخ ويعي قصص القرآن يدرك أنه إذا عجز الناس عن رد الباطل فإن رب الناس يتدخل بقدرته وآياته ليرد الناس إلى الإيمان به وتذكيرهم أنه مالك الملك وهو المدبر علام الغيوب «وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ».

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
29/10/2017
22243