+ A
A -
شكل نقد النموذج التنموي المغربي محورا رئيسيا للخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الحالية، وهو الخطاب الذي اعتبر خلاله الملك« هذا النموذج غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة، والحاجيات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية».
وهو ما جعل الملك يدعو الحكومة والبرلمان، ومختلف المؤسسات والهيئات المعنية، كل في مجال اختصاصه، «لإعادة النظر في النموذج التنموي لمواكبة التطورات التي تعرفها البلاد، ولبلورة رؤية مندمجة لهذا النموذج، كفيلة بإعطائه نفسا جديدا، وتجاوز العراقيل التي تعيق تطوره، ومعالجة نقط الضعف والاختلالات، التي أبانت عنها التجربة».
انطلاقا مما اعتبره الخطاب ضرورة لاتباع منهجية «المقاربة التشاركية، التي اعتمدها المغرب في القضايا الكبرى، كمراجعة الدستور، والجهوية الموسعة»، عبر «إشراك كل الكفاءات الوطنية، والفعاليات الجادة، وجميع القوى الحية للأمة»، و«التحلي بالموضوعية، وتسمية الأمور بمسمياتها، دون مجاملة أو تنميق، واعتماد حلول مبتكرة وشجاعة».
كان النموذج التنموي للمغرب، بعد خروج الاستعمار يروم تحقيق استقلال اقتصادي وضمان السيادة الوطنية على القرار المالي، عبر تحمل الدولة عبر القطاع العام وظيفة تأمين الأدوار الاقتصادية الاستراتيجية منها ومادون ذلك، مع انفتاح واضح على حرية المبادرة، وهو ما بدا في تلك المرحلة خروجا على المألوف من الاختيارات الاقتصادية السائدة والتي كانت تنطلق من خلفية مذهبية تعتمد اشتراكية الدولة وسياسات التصنيع.
مرت بالتأكيد مياه كبيرة تحت الجسر الفاصل بين الاقتصاد المغربي الفتي لما بعد الاستقلال، وبين الاقتصاد الوطني لمغرب اليوم، والذي توجه إليه سهام النقد من أعلى سلطات البلاد.
لذلك يبدو النموذج التنموي المغربي، أسيرا لأزمة مركبة: أزمة إنسجام مذهبي في سياساته واستراتيجياته، أزمة تفاوت بين المرجعية المعلنة لهذا النموذج وبين تفعيلها الواقعي، أزمة الثقوب السوداء التي تنسف فرضيات هذا النموذج سواء تعلق الأمر بالفساد والرشوة أو الريع والاقتصاد غير المهيكل، وأخيرا أزمة فعالية ونجاعة في توزيع آثار التنمية داخل المجتمع.

بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
27/10/2017
4527