+ A
A -
استدعى العقل العربي على الفور نظرية المؤامرة-الصهيونية بالطبع- لتفسير الإصرار الكردي على طلب الانفصال عن العراق وإجراء الاستفتاء الشعبي قبل أسابيع.
والأدلة متوفرة على هذه المؤامرة، فإسرائيل ساندت بالفعل المطلب الكردي وتتوافر على علاقات قديمة مع بعض القوى الكردية، لكن هل يمكن اختصار القضية التاريخية للأكراد والقائمة قبل وجود إسرائيل بهذا التفصيل الهامشي؟
إسرائيل تستثمر في صراعات المنطقة خدمة لأهدافها، هذا شيء مؤكد تماما مثلما تفعل قوى إقليمية وغربية وشرقية أيضا، ونستطيع هنا أن نسرد عديد الأمثلة على خلافات حدودية وسياسية بين دول كانت ميدانا للاستثمار والتوظيف من طرف دول عربية وأجنبية؛ خلافات إيران والعراق، مصر والسودان ومشكلة الصحراء بين المغرب والجزائر.
هي مشكلات حقيقية قائمة وانتفاء الإرادة لحلها وتسويتها يمنح قوى خارجية فرصة التدخل فيها لحساب مصالحها.
إسرائيل لم تخلق المشكلة الكردية، أزمة الأكراد في المنطقة هي نتاج وطني خالص لدول وأنظمة تنكرت للحقوق القومية المشروعة لهذا الشعب، ومثل كل أمة مقهورة ومضطهدة تسعى لكسب الدعم لقضيتها، بمعزل عن الاعتبارات الأخرى.
وإذا كانت إسرائيل قد نجحت حقا في اختراق الأكراد فذلك ليس سوى مثال على فشلنا نحن العرب في التعامل مع قضيتهم المشروعة، ودليل على هشاشة الأمن القومي العربي المخترق من كل خواصره؛ من إسرائيل وغيرها من القوى والدول، فلا تلوموا الأكراد وحدهم.
النظرة القومية لمسألة الأكراد تنطوي على قدر كبير من الشوفينية، فثمة إصرار عجيب على صهر كل المكونات بالهوية العربية وإنكار حق غير العرب في التعبير عن هوياتهم القومية والثقافية، ومن يرفع رأسه مطالبا بحقوقه يتهم بالعمالة لإسرائيل.
(يتبع)
بقلم : فهد الخيطان
copy short url   نسخ
27/10/2017
2288