+ A
A -
حين تبدو الأزمة بين قطر ودوّل الحصار بلا نهاية مرتقبة فعلينا أن نصدق ذلك، ونتفهم أنه الأقرب للواقع خاصة بعد ما أضحت طرقات الوساطة غير مسموعة، ومشاوير الوساطة غير مرتقبة.
ربما يعتقد البعض كما هو معلن أن ذلك يحدث لعدم استعداد هذه الدول للمفاوضات مع قطر كون الأخيرة لم تخضع للمطالب!!! أو ربما من باب العناد بالباطل لأن هذا الأمر بات محرجاً لهذه الدول على الصعيد الداخلي والخارجي. وهناك ما يجب أن نراه خلف كل هذه المشاهد ألا وهو كَم الأزمات التي تعيشها هذه الدول داخليا وخارجيا، أزمات تراكمت حتى أصبح يُرَى من خلفها تهديدات حقيقية تنذر بسقوط لا بد منه، يدفع إلى الهروب حتى إلى المريخ، كما استحدثت دولة الإمارات ملفاً ووزارة تعنى بذلك، وقد أضحت الطموحات على وجه الأرض آيلة للسقوط، ولن تنفع معها كل وزارات الذكاء الاصطناعي. كما يبدو أنها لم تقتنع بأن أي تطور وتقدم لا يمكن ان يقوم على خليط من الإسمنت والمال فقط. وان التقدم الحقيقي لا يمكن أن يحدث على أرض تروج فيها كل أنواع الاتجار بالبشر، وسجن كسجن الرزين الذي يبتلع الحريات ويصادر الحقوق والكرامات.. يقبع بين جدرانه الموحشة أغلب علماء البلد ومفكريه. إنه الوهم الذي يأكل صاحبه حقاً.
في البحرين الجارة أيضاً تتراكم الأزمات.. من العجز المالي في الميزانية العامة وتراكم المديونيات مع عدم وجود رؤية واقعية للإصلاح إلى المشاكل الطائفية الاجتماعية التي ترقد فوق بركان ما يلبث أن يهدأ حتى يثور، خاصة مع فشل الحكومة الحالية في الحوار مع القوى المعارضة الموصومة غالبا بالإرهاب حتى العلمانية منها.
يحضرني أن المتعمق في حياة أهل البحرين منذ عقود يستطيع أن يجد بذور الإصرار لدى المتعلمين، والمثقفين هناك على نبذ الطائفية، ووحدة البحرين استشعاراً منهم بمدى الخطر، والمظالم التي قد يتعرضون لها في حال عدم استقرار البلد. وأي شعب لا ينشد الاستقرار والحياة الكريمة.. الخيط الذي كان من الممكن الإمساك به لإنشاء أسس قوية تقف حائلاً في وجه من يحاول إثارة النعرات الطائفية لصالح أجندات خارجية. من الواضح أن الوضع في البحرين يعاني اليوم من الأجندات الخارجية، والداخلية أيضاً، بينما يهاجم المسؤولون فيها كونها من شلة الحصار قطر التي تعيش في سلم اجتماعي دائم، واستقرار لا تخطئه العين.. ربما من بوابة الهروب إلى الأزمات الخارجية، والإسقاط الذي يخدر الوعي الخاص والعام، ومن التبعية الجبرية لأكل لقمة العيش في هذا الزمن الغثيث الذي أصبحت فيه البحرين بلد الحضارة ومستهل الثقافة، والتطور السياسي والعلمي في الخليج جزيرة ريتويت.
وليس لنا سوى الدعاء من أجل مصر، والشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية وهم يتخبطون في محيط من الأزمات ألقت بهم على الشواطئ الإسرائيلية طمعا في النجاة بيد قتلة الأطفال، ومغتصبي الأرض والمقدسات.
بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
24/10/2017
3537