+ A
A -
ما فعله مسعود البرازاني هو بالضبط ما فعلته الدجاجة التي «حفرت وعلى رأسها عفرت»، ذلك أن كل ما امضاه رئيس سلطة اقليم كردستان من وقت وما بذله من جهد ذهب ادراج الرياح، ليس فقط لان الاقليم لم يوضع على درب الاستقلال، بل لأن المشروع برمته تأجل الى موعد سيطول انتظاره.
والحقيقة أن البرازاني رئيس الاقليم المتمتع بالحكم الذاتي ويعتبر جزءا لا يتجزأ من العراق كما ينص الدستور، قدم هدية كبرى الى حيدر العبادي الذي قاد الحرب على داعش أولا، ثم الحرب على الاكراد ثانيا، محققا نتائج ايجابية في الحالتين.
وسيعتبر التاريخ رئيس الوزراء العراقي، السياسي الذي اعاد كردستان الى الدولة، وبسط النفوذ الامني الرسمي على كركوك والمناطق المتنازع عليها، لوقوعها وسط محيط من الذهب الاسود، وضمها زورا وبهتانا الى الاستفتاء غير الشرعي واعتبارها كردية، وهي ذات اغلبية عربية وتركمانية.
مشروع الاستقلال انقلب إذن ليس على رأس البرازاني وحده، ولكن على رأس نتانياهو الذي ابلغه قادة الأمن ان الاستفتاء على الاستقلال سيحرك التجمعات الكردية في اربع دول تمهيدا لدولة كبيرة تضمهم وتتحالف مع اسرائيل ضد العرب.
الارض ليست معبدة تماما امام العبادي كرئيس حكومة وقائد عام للقوات المسلحة، ذلك ان «صقور كردستان» وهي مجموعة ارتجالية شكلها ضباط في البشمركة تشن حرب استنزاف ضد الجيش العراقي المرابط على بعد كيلومترين عن اربيل، مفضلا عدم دخولها في هذه الاوقات الحساسة.
الظروف غير مناسبة لبدء مشوار الاستقلال، وتكشف انتهازية دفعت سلطة الاقليم لارتكاب خطأ عمره عندما استنتج رئيسها مسعود البرازاني ان الضعف العربي كفيل بأن يجعل الحلم حقيقة، وهو ذات الخطأ الذي يرتكبه حليفه الاسرائيلي نتانياهو الذي يظن ان العجز العربي يعطيه كرتا مفتوحا لاحتلال فلسطين بالكامل ودون اعتراض.
وإذا كان الكيان الصهيوني قد منع فضائح نتانياهو وزوجته من التفاعل السلبي والتأثير على سمعة اسرائيل التي وصلت الى الدرك الاسفل من الاوحال، فإن الكيان الكردي في العراق غاضب مما يسمونها «مملكة مسعود»، الذي يقيم الآن مع عائلته في قصر خرافي بناه صدام حسين في كردستان، فيما سلّم المناصب الامنية والمالية والنفطية الى أشقائه وأولاد عمومته.
مسعود الآن على عتبات الاقالة، خاصة مع تزايد الرغبة الدولية في التخلص منه ليس فقط لإعلان تمرد الاقليم لبدء مشروع الدولة الكردية، ولكن لاستحواذه على جزء كبير من عوائد النفط، حيث يختلط في كردستان، العامّ بالخاص، كما ترى «الغارديان»، وهو ما يسري، ولكن بصورة أقل، في الجزء الآخر من كردستان الذي تديره العائلة الطالبانية في مدينة السليمانية.
لكل من تركيا وإيران وسوريا كردستانها، والكل الآن استراح بعد فشل البرازاني، وسط مساع يبذلها مثقفون أكراد لتأمين الحصول على حكم رشيد ومنتخب بنزاهة بعيدا عن السلطة العائلية، وتمهيدا للبحث التدريجي عن وسائل قانونية وغير متهورة لمنح خمسين مليون كردي في العالم، استقلالهم على أسس مدروسة ومقبولة من الدول المعنية.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
22/10/2017
2805