+ A
A -
بعد انتظار لم يكن قصيراً أماط الرئيس الأميركي دونالد ترامب اللثام عن استراتيجيته نحو إيران وتحديداً كيفية التعامل مع البرنامج النووي الإيراني والاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين القوى الخمس دائمة العضوية في الأمم المتحدة (الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا) بالإضافة إلى ألمانيا. العنوان الأبرز لموقف ترامب كان هو التشدد وذلك منذ أن بدأ حملته الانتخابية حيث توعد بتمزيق الاتفاق معتبراً أنه أسوأ اتفاق توقع عليه الولايات المتحدة.
توقيت الإعلان عن استراتيجية ترامب نحو الاتفاق النووي الإيراني كان متزامناً مع اقتراب موعد التصديق الثالث للرئيس على التزام إيران بالاتفاق، حيث إنه من المعروف أن الرئيس الأميركي مكلف بالتصديق على الاتفاق كل تسعين يوماً وإرسال ذلك إلى الكونغرس حيث يعني ذلك التزام طهران بالاتفاق. يشار هنا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومنذ توليه الرئاسة قد صادق مرتين على التزام إيران بالاتفاق.
في الخطاب الذي ألقاه ترامب وبيّن فيه عناصر استراتيجيته بدأ يعيد الأجندة الأميركية المتشددة نحو إيران منذ المحافظين الجدد حيث ركز على الذراع العسكرية للدولة في إيران وهي الحرس الثوري معتبرا أن نشاطاته في التدخل في شؤون الآخرين غير مقبولة مؤكدا أن العين ستبقى تركز على رصد أنشطة الحرس الثوري، وهي لغة أقل مما كان متوقعاً في الذهاب لاعتبار الحرس الثوري منظمة إرهابية. في هذا السياق ربط الرئيس الأميركي بين البرنامج النووي وسياسة إيران الإقليمية القائمة على تعزيز نفوذها على حساب عدم الاستقرار الإقليمي، وفي هذا إشارة إلى تدخلاتها في العراق وسوريا واليمن ولبنان وأفغانستان. مثل هذه الإشارة تعيد إيران إلى مربع الاتهام الصريح بالمسؤولية المباشرة عن عدم الاستقرار الإقليمي في الشرق الوسط وتهديد المصالح الأميركية ومصالح حلفاء واشنطن. مثل هذا الحديث يعد محاولة أميركية للهروب للأمام لتجاوز حالة التعاون بينها وبين طهران في الحرب على الإرهاب في العراق تحديداً.
رغم أن الخطاب يتعلق بالاتفاق النووي، إلا أن الرئيس الأميركي لامس مسائل مرتبطة بالملف النووي أكثر من الملف النووي، حيث تحدث عن قلق واشنطن وحلفائها من محاولات إيران تطوير قدراتها الصاروخية متوسطة وبعيدة المدى، الأمر الذي يهدد مصالح أصدقاء واشنطن وعلى رأسهم إسرائيل. يشار هنا إلى أن هذا القلق الأميركي تتشارك فيه واشنطن مع شركاء أوروبيين يرون أن من الضرورة فتح باب التفاوض مع إيران حول مسائل لم يتم تغطيتها في الاتفاق النووي مثل مسألة تطوير القدرات الصاروخية وكذلك تمديد مدة الاتفاق التي تنتهي في 2025.
استراتيجية ترامب نحو إيران ربما لم يرتفع سقف التشدد فيها إلى ما كان يردده خطاب ترامب السياسي ومعاونيه من تشدد كبير نحو إيران، وهذا ربما يكون بفعل دور مؤسسات أخرى مثل وزارة الخارجية لكن هذا لا ينفي أن ما أعلنه ترامب قد يتسبب في أن تواجه إيران مزيد من الضغوط الاقتصادية لا سيما من قبل الولايات المتحدة، وعدم تمكينها من الاستفادة بالحد الأقصى من رفع العقوبات الذي من المفترض أن يأتي كنتيجة لالتزام إيران ببنود الاتفاق. المهم ربما هو أن استراتيجية ترامب قد فتحت الباب أما مطلب واضح بإعادة فتح التفاوض حول الاتفاق النووي باعتبار أنا ما تم التوصل إليه غير كافٍ، وهذا بحد ذاته ما لا ترغب فيه إيران، وهذا الأمر يفتح باب التساؤل على مصراعيه على خيارات إيران لمواجهة استراتيجية ترامب، سؤال ستميط الأيام القادمة اللثام عن إجابته.

بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
20/10/2017
2387