+ A
A -
انتهت المهلة الأولى يوم الاثنين الماضي على الساعة العاشرة صباحاً، وبحلول العاشرة من صباح أمس الخميس، انتهت المهلة الأخيرة.
يتعلق الأمر بالأجل الذي منحته حكومة مدريد لسلطات كتالونيا، لتوضيح قرارها النهائي والحاسم في موضوع التراجع عن مشروع الانفصال والإعلان النهائي عن الاستقلال.
ما رشح من أخبار يوحي بأن قادة كتالونيا لن يعيروا اهتماماً لطلب مدريد.
الأنظار إذن ستتجه إلى المادة الأكثر تردداً في التحاليل وعلى الألسن، منذ انطلاق الأزمة، وهي المادة 155 من الدستور الإسباني التي تنص على أنه «إذا لم تمتثل أي مقاطعة من المقاطعات التي تتمتع بحكم ذاتي للدستور أو القوانين، أو انتهكت بشكل خطير المصلحة العليا للدولة الإسبانية، فإن على الحكومة المركزية استدعاء حاكم المقاطعة، وإذا لم يحضر، ومع الحصول على أغلبية من مجلس الشيوخ، يمكن اتخاذ الإجراءات اللازمة، من أجل إجبار المقاطعة على احترام التزاماتها، حمايةً للمصلحة العامة للبلاد».
تلخص هذه المادة فلسفة المشرع الدستوري الإسباني، لحظة بناء التعاقد الدستوري للعام 1978، في سياق الانتقال الديمقراطي، هذه الفلسفة التي تنهض على مبدأ الجهوية الواسعة التي قد تصل إلى حدود حكم ذاتي، ومنح الأقاليم اختصاصات تدبيرية متفاوتة المدى، مع التأكيد في نفس الوقت على «الوحدة الأبدية للأمة الإسبانية»، انطلاقاً من «الوطن المشترك غير القابل للتجزئة لكافة الأسبان».
الإجراءات اللازمة، التي نص عليها الدستور، يمكن أن تلخص في مصفوفة كاملة من التدابير، قد تصل إلى حدود حلول حكومة مدريد محل سلطات كتالونيا في تدبير الشأن العام المحلي بمختلف وجوهه وقضاياه، وقد لا تتجاوز قرار تعليق إعلان الاستقلال، أو إقالة وتغيير مسؤولين سياسيين بالإقليم واستبدالهم بمن قد تختارهم الحكومة الإسبانية.
اللجوء إلى الخيارات المتطرفة التي تسمح بها هذه المادة، قد لا يكون الحل الأقرب، ذلك أن مدريد تراهن على عامل الوقت لإنهاك الطموح الانفصالي بإقليم كتالونيا، مستندة على ما بدا، على الأرض، من توازن طبيعي للقوى بين دعاة الاستقلال والوحدويين بالإقليم، فضلاً عن الدعم الأوروبي القوي للوحدة الإسبانية، ولكن أساساً على الآثار المرجوة لحرب اقتصادية تملك الحكومة المركزية الكثير من مفاتيحها.
على أن الأفق القريب لمعركة كسر العظام المؤلمة، بين الانفصال والوحدة، لن يعني بالضرورة انتصاراً حاسماً لمدريد، ولا هزيمة ساحقة لكتالونيا، بقدر ما قد يقترب من محاولة إعادة صياغة جذرية للميثاق التأسيسي والدستوري، تسمح بالحفاظ على سقف الوحدة الوطنية.

بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
20/10/2017
3065