+ A
A -
تتواصل حروب الشرق الأوسط والخليج في ظل هزائم عربية مكنت غير العرب ، من تحقيق المكاسب والاستفادة من تراجعات عربية مذلة تمهد لتغيير الخريطة.
ومن المفارقات أن الأكراد عانوا من انتكاسة تاريخية عندما وقفت البشمركة عاجزة أمام استرداد القوات الاتحادية العراقية مدينة كركوك التي كان البرازاني قد ضمها عنوة إلى كردستان بعد الفوضى التي رافقت استيلاء داعش على مساحات شاسعة من البلاد وفرار القطعات العسكرية العراقية من محافظات عدة، عام «2014».
لذلك، فقد انتقل حلم الأكراد بالدولة إلى الثلاجة، خاصة بعد إعلان واشنطن في الساعات الأخيرة من غزوة كركوك أنها تقف على الحياد في هذا الصراع، مما يشكل ضربة صادمة للأكراد.
ومثلما سقط البرازاني في مصيدة التهور لفشله في توقع التصرف الأميركي، بعد شهور عدة من معاملة واشنطن للأكراد كشرطي أميركي أمين اعتمد كجيش بري في مطاردة داعش، وقع الفلسطينيون في فخ أميركي آخر نفذته إسرائيل، وأقدموا على ما سموه مصالحة داخلية زينوها بثوب جميل يخفي وراءه جسداً منهكاً وعقبات غير قابلة للتجاوز.
لذلك، عندما يقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف إن المصالحة تستهدف فقط إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة ولا علاقة لها بالتسوية السلمية، فهو يلعب بعقولنا، تماماً كما استخف بنا منظر حماس أحمد يوسف حين ادعى أن مشروع المصالحة يُبقي سلاح حماس وأنفاقها العسكرية خارج دئرة النقاش.
ويعرف أحمد يوسف قبل غيره، أن مجرد الاستنجاد بنظام السيسي لرعاية المصالحة، ثم الخضوع لرؤية محمد دحلان «الايجابية» حول مداواة الجروح الفلسطينية، يعني أن المقاومة باتت سلعة في سوق التسوية، وجزءاً من صفقة كبرى أعدها ترامب في الرياض خلال مايو بمباركة ومشاركة السعودية التي قدمها الرئيس الأميركي كقائد للأمة العربية، في غياب مصر العاجزة وسوريا والعراق المُقْعَدَين.
دمشق وبغداد على الهامش، تماماً كالرياض، ودول عربية أخرى أعضاء في الجامعة العربية، حيث تسود الوحدانية والانفرادية في تعامل كل دولة مع انهياراتها ومشكلاتها وقضاياها ابتداء بدول مشرذمة ومنبوذة كالصومال، ودول محاصرة من دول عربية «شقيقة»، كقطر الصامدة، وانتهاء بدول أخرى عربية تنشط عسكرياً داخل دول أخرى مفككة كاليمن وليبيا، محدثة المزيد من الفوضى والتشرذم فيهما.
أما سوريا التي يخبرنا من يقبعون في مربع الأحلام، أنها على أبواب الحل السعيد، فإن كل شيء يعتمد على ما تقرره واشنطن وموسكو. فالأميركيون لم يقولوا بعد إنْ كانوا سيبقون في سوريا لمنع انبعاث داعش الكامنة خلاياه بمختلف أنحاء الدولة. كما أن عليهم أن يقرروا ما إذا كانوا يريدون السماح لإيران بانشاء جسر بري هائل يمتد من الحدود العراقية إلى البحر المتوسط.
وبالنسبة لموسكو، عليها أن تقول ما إذا كانت تريد تطوير دعمها للأسد وإيران نحو تأمين نصر عسكري شامل لمنع المعارضة من المشاركة الفعلية في الحكم. لكن قراراً كهذا سيجر روسيا، كما يقول «بيتر فورلوف» بمقال في موسكو تايمز، إلى حرب قذرة بالوكالة مع الولايات المتحدة. لهذا فإن فرص الصدام بين موسكو وواشنطن تتعاظم رغم عدم انكشاف كواليس هذه المعضلة، بعد.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
19/10/2017
1625