+ A
A -
ليس معروفا بعد إن كانت سلطة اقليم كردستان مستعدة لخوض حرب مفتوحة مع القوات العراقية دفاعا عن كركوك التي احتلتها السلطة في منتصف 2014، مغتنمة فرصة انسحاب الجيش العراقي الرسمي من ربع البلاد امام زحف تنظيم داعش آنذاك.
غير ان المقاومة الضعيفة التي ابدتها قوات البشمركة لصد جيش الدولة الاكثر عددا وتسليحا وقدرة، تبرهن في هذا الوقت المبكر من المعركة عجز ضباط البرزاني عن الاحتفاظ بكركوك المتوقع ان يستتب فيها الوضع لصالح بغداد خلال وقت قصير.
ضيق الافق كان واضحا عندما احتلت القوات الكردية كركوك، وعندما نفذت استفتاء سبتمبر بشأن استقلال الاكراد، وعندما ضمت المدينة المتنازع عليها والمتعددة الاعراق الى مشروع الاستفتاء، وتعاملت معها كمدينة كردية، رغم ان نسبا عالية من العرب والتركمان تقطن كركوك منذ قرون.
وحسب موسوعة »وكيبيديا«، فإن 21 بالمائة فقط من سكان مدينة كركوك اكراد. ورغم ان الموسوعة لم تشر الى عدد العرب والتركمان والاشوريين في المدينة، فقد ذكرت ان العرب يشكلون 72 بالمائة من سكان محافظة كركوك، وهذه الارقام كافية لنسف أسس الاستفتاء الذي نفذ عنوة في كردستان في شهر سبتمبر الماضي.
وإذ نتساءل عن الاسباب الحقيقية لشمول المدينة في برنامج الاستفتاء، ما دامت حكومة اربيل تتلاعب بالارقام وتلجأ الى تزوير الحقائق والوقائع التاريخية والجغرافية، يقفز امامنا الدافع الاهم، ألا وهو وفرة النفط في كركوك التي تعتبر هي والبصرة اهم مصدرين للبترول والغاز في العراق، علما بأن سلطة كردستان تبيع نفط الاقليم لحسابها الخاص، مما يشكل تمردا على الحكم المركزي في بغداد، وانتهاكا لأمن البلاد واستقرارها والاستيلاء على مواردها بصورة غير قانونية.
الهدف المعلن لعملية »فرض الامن في كركوك« هو إعادة انتشار قوات الدولة في المناطق التي كانت تتواجد فيها قبل دخول داعش الى المحافظة، كما انه ليس من المستغرب ان تدعم تركيا وإيران علنا اجراءات الحكومة العراقية باعتبار ان لكل منهما كردستانها، ما يجعلهما تشعران بالقلق من انتقال عدوى كردستان العراق إليهما، وهو ما عبرا عنه بفرض عقوبات على سلطة اربيل منها اغلاق الحدود والمطارات وتقييد التبادل التجاري.
ما جرى إذن يقع في اطار تحرك داخلي شرعي تأديبي، لمحاسبة اقليم يهدد بالانفصال بالقوة ودون موافقة الحكومة المركزية، في انتهاك فاضح لمواد الدستور.
أما الولايات المتحدة التي تردد انها تدعم استقلال الاكراد لخدمة مصالح اسرائيل المتحمسة لاستفتاء كردستان، فقد اعلنت على لسان البنتاغون انها مع وحدة العراق، ودعت الاطراف الى التهدئة والحوار اللذين يبدو مؤكدا ان تخضع لهما سلطة البرزاني في نهاية الامر.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
17/10/2017
1639