+ A
A -

الكل يتساءل على ضوء هرولة حماس نحو التصالح مع رام الله، عما اذا كانت حركة المقاومة الفلسطينية - اسمها الرسمي - قد تغيرت، ام انها ما زالت »تُتكتك«؟!
الجواب ليس صعبا كما يظن البعض، ذلك ان زمن التحدث بلغتين قد ولى، وان الحمساويين دخلوا اخيرا، مرحلة التحول من العسكرة الى الدبلوماسية ومن التكتيكي الى الاستراتيجي.
الخطوة الرئيسية الدالة على التبدل العميق في فكر حماس، لا تتمثل في لقاءات المصالحة برعاية المخابرات المصرية في الايام القليلة الفائتة، ولا عندما سمحت اسرائيل لوفد الحركة بعبور »إيريز« برا لملاقاة »فتح« في القاهرة الاسبوع الماضي، وإنما اعلنت في مطلع مايو، وشملت 42 نقطة موزعة على 12 عنوانا سياسيا، تتناول المبادئ والسياسات العامة للحركة.
وكان صحيحا اعتبار تلك الوثيقة اول تعديل تجريه حماس على ميثاقها الصادر في أغسطس 1988، والذي يدعو لإقامة »دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، دون التنازل عن اي جزء من ارض فلسطين، من النهر الى البحر، مهما كانت الظروف او الضغوط«.
وإذا اردنا ان نتعرف على اسباب اعلان تلك الوثيقة، علينا العودة الى حديث »منظر حماس« القيادي الدكتور احمد يوسف الى صحيفة النهار اللبنانية يوم صدور الوثيقة. ولم يشأ الرجل وضع الوثيقة في خانة الاخلال بالثوابت، لكنه اقر بأن »النكسات وتكالب الأمم علينا مثلما تكالبت على دول كثيرة في المنطقة« كانت وراء صدورها، مضيفا بأن »كل ما هو اسلامي ويمثل المقاومة بات مستهدفا، لذلك علينا ان نقلل من حجم الخسائر من خلال انتاج سياسات لا تعطي ذرائع للغزاة لمواصلة العدوان ضدنا وضد تطلعاتنا وقضايانا».
ثمة تراجع هنا إذن، أملته الظروف السياسية الدولية والوضع في فلسطين، وهو ما دفع احمد يوسف للقول في حديثه الصحفي ردا على سؤال حول حذف الدعوة الى تدمير اسرائيل في ميثاق 1988: »اللغة التي كتب بها الميثاق لغة دينية، لم تُراعِ اعتبارات القانون الدولي وما توافقت عليه الشعوب والامم، وكي نكسب تضامن الشعوب يجب ان تكون لغتنا حضاريةوبعيدة عن التهديد والوعيد«.
وما من شك في ان حماس استنتجت بعد تعرضها لحصار دولي وسط شلل اقليمي وعجز عربي يتصاعد باستمرار، مترافقا بشراسة اسرائيلية غير مسبوقة وصلت الى حد قبول سلطة محمود عباس بالتنسيق أمنيا مع اسرائيل، بأنها في زاوية ذات نصل حاد.
خلطت حماس ما بين التكتيكي والاستراتيجي وسعت الى تحسين علاقاتها مع مصر ومجلس التعاون ونأت بنفسها نسبيا عن حركة الاخوان المسلمين، وأقدمت على تنفيذ المصالحة بين الضفة وغزة بجسارة ملحوظة. لذلك لم يكن مستغربا أن يدعو نتانياهو الحركة امس الى الاعتراف بإسرائيل، إذ ان هذه الخطوة إذا تمت سيليها نزع حماس سلاحها في ظل ادارة فلسطينية مشتركة تتناغم مع الظروف والضغوط، وكذلك لإنهاء معاناة شعبية في القطاع لم يشهد لها العالم مثيلا، جراء الحصار الاسرائيلي المستمر منذ عقد من الزمن.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
14/10/2017
1661