+ A
A -
يتوقع أن تعرف الخريطة السياسية والحزبية في المغرب تغييرات متلاحقة خلال الشهر الحالي، متزامنة مع السنة التشريعية الجديدة، التي انطلقت أمس (الجمعة)، حيث يعتبر ذلك إيذاناً بما يعرف في المغرب بمصطلح «الدخول السياسي»، أي بداية النشاط السياسي بعد عطلات الصيف.
هناك ثلاثة أحزاب ستعرف تغييرات كبيرة.
هذه الأحزاب هي «العدالة والتنمية»، الذي يقود حالياً الحكومة الائتلافية، وحزب «الأصالة والمعاصرة» الذي يعد أكبر حزب موالاة، على الرغم من أنه يقف في المعارضة برلمانياً ضد حكومة «العدالة والتنمية».
ثم حزب الاستقلال الذي انقلب على زعيمه حميد شباط ذي النزعة الشعوبية، لينتخب بدلاً منه نزار بركة الاقتصادي والوزير السابق وحفيد علال الفاسي الزعيم التاريخي للحزب الذي تأسس قبل ثمانية عقود.
كان حزب الاستقلال قد عقد مؤتمراً ساخناً إلى حد الغليان في الرباط، أسفر عن انتخاب قيادة جديدة، وأطلق الحزب مؤشرات بشأن إمكانية مشاركته في الحكومة بعد أن استبعد من الائتلاف الحكومي، بسبب تصريحات أدلى بها حميد شباط حول «حقوق المغرب التاريخية» في موريتانيا؛ حيث ظل المغاربة يعتبرون أن موريتانيا جزء من أراضيهم، وتأخر اعتراف الرباط بها حتى عام 1969.
من جانبه سيعقد حزب «العدالة والتنمية» مؤتمراً عاماً لا يقل سخونة هذا الشهر، ويتوقع تعديل القوانين الداخلية للحزب حتى يتاح لزعيمه عبدالإله بن كيران الترشح للمرة الثالثة لقيادته، في ظل انقسامات وشروخ كبيرة بسبب إعفاء بن كيران من تشكيل الحكومة، واختيار الدكتور سعد الدين العثماني لهذه المهمة من طرف القصر الملكي، وهو ما أثار استياءً داخل الحزب؛ حيث اعتبر أنصار بن كيران أنه تعرض لإهانة، في حين كال آخرون الانتقادات للعثماني الذي قبل بالمهمة.
هذه الأجواء المتوترة داخل «العدالة والتنمية» تؤكدها تصريحات العثماني التي لوح فيها بالاستقالة من رئاسة الحكومة وحتى من مهامه الحزبية؛ حيث يتولى حالياً رئاسة «المجلس الوطني» الذي يعد بمثابة «برلمان الحزب».
وقال العثماني إنه مستعد لتقديم استقالته، إذا كان استمراره في رئاسة الحكومة «سيهدد وحدة الحزب»، ونشر هذا الموقف في تدوينة وتغريدة في «فيسبوك» و«تويتر».
ويواجه حزب «الأصالة والمعاصرة»، الذي كان قد أسسه فؤاد عالي الهمة، أوسع مستشاري العاهل المغربي الملك محمد السادس، نفوذاً قبل قرابة عشر سنوات، وضم تحالفاً هجيناً من بعض الشخصيات التي تتمتع بنفوذ في مناطقها ويطلق عليهم في المغرب «الأعيان»، ويساريين انشقوا عن أحزابهم وحركاتهم السياسية لأسباب متباينة.
سيعقد هذا الحزب اجتماعاً لمجلسه الوطني خلال هذا الشهر للبت في استقالة إلياس العماري أمينه العام، الذي استقال في خضم تصاعد الاحتجاجات بمنطقة الريف في شمال المغرب.
وعلى الرغم من أن العماري يتحدر أصلاً من مدينة الحسيمة التي تعد المعقل الرئيسي للاحتجاجات، فإنه نفى أن تكون لاستقالته علاقة بتداعيات تلك الاحتجاجات.
في حالة رفض المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة استقالة العماري، أو تراجع عنها، فإن ذلك سيفتح المجال لتغييرات في مواقفه السياسية، أما إذا قبلت هذه الاستقالة وانتخب الحزب قيادة جديدة فإن ذلك يعني محطة فاصلة في مساره.
هذه التغييرات في أهم ثلاثة أحزاب بالمغرب تدعم الإحساس أن العصر الذهبي للقيادات «الشعبوية» قد ولى. وسيكون لذلك انعكاسات على ساحة سياسية تشوهها بعض الأحيان اتهامات بتراجع نفوذ وتأثير الأحزاب، علماً أن البلاد ظلت حريصة على تغيير هذا الانطباع.
وبالمقابل من الواضح أن المغاربة الذين يتوقون الفكاك من أسر الفقر والجريمة والفساد الإداري والمالي وضعوا ثقتهم بصورة حاسمة في شخص العاهل المغربي.
على الرغم من أن الاحتجاجات الواسعة في منطقة الريف الذي يطلق عليه «حراك الريف» ألقت بظلالها على الواقع السياسي في بلد يسعى جاهداً لكي يكون واحة استقرار بمنطقة مضطربة.
بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
14/10/2017
4233