+ A
A -
أي وفاق وأي وطنية وأي مصالحة بين الفلسطينيين، يمكن أن تتحقق، وراعيها رئيس مخابرات نظام السيسي؟ وأي تضليل يبثه نتانياهو عندما يقول إنه لن يقبل بمصالحة فلسطينية كاذبة، رغم أنه لا يقبل أصلا بأي مصالحة لا تكون كاذبة ومفبركة؟
فالمصالحة الصادقة الجادة لا تتم بين مفهومين متناقضين: مفهوم المقاومة ومفهوم الخضوع، كما أن المصالحة الوحيدة التي تقبلها إسرائيل هي التي تشوه سمعة حماس وتضعفها وتلوثها بأوحال سلطة رام الله.
واليوم، حين يجلس الوفدان في القاهرة على طاولة رئيس المخابرات خالد فوزي، ستنجلي أمور كثيرة ما دام الكلام سيتركز على النقطة الأهم بالنسبة للعدو الإسرائيلي، وبالنسبة للنظام الذي يحكم مصر، ألا وهي المتعلقة بسلاح المقاومة في قطاع غزة المنفصل عن الضفة منذ أحد عشر عاما.
وعندما يطالب موفدو عباس وعلى رأسهم رموز من نوعية جبريل الرجوب وعزام الأحمد، بعدم تكرار نموذج سلاح حزب الله، ووقف «تدخل» قطر في شؤون القطاع، نفهم المقصود تماماً: إبقاء غزة منزوعة المقاومة، ومعطلة اقتصاديا، حتى يمكن للحصار الظالم أن يكون مؤثرا.
ما زلنا نأمل ألا تتلطخ حماس وألا تكون قد وضعت قدمها على عتبة الخنوع، في وقت بدأت فيه الصحف الإسرائيلية تفاضل بين حسنات المصالحة الفلسطينية وسيئاتها. وإذ يعتبر بعض المحللين أي مصالحة سيئة لإسرائيل حتى لو استسلمت حماس بالكامل، يرى آخرون مكسبا كبيرا في مصالحة تفقد فيها الحركة سلاحها وهيبتها ومسارها النضالي.
هذه المفاضلة ليست دليلا على حيرة أصابت صانع القرار الإسرائيلي، لكنها تنطوي على ترف في النقاش، يدلل عليه عدم لجوء إسرائيل إلى منع موفدي عباس من دخول غزة، ثم إعلان نتانياهو بعد فتح معبر إيريز أمام الفتحاويين، انه «ضد» المصالحة بين الفلسطينيين!
وإذا كانت «الصفقة الكبرى» التي تفاهم حولها ترامب وسلمان في الرياض وتدعو إلى تسوية تاريخية للصراع في الشرق الأوسط، لا تعدو كونها أكثر من خدعة وعنوان مضلل، فإن سلسلة المصالحات الفاشلة بين فتح وحماس والتي جرت في ظروف أفضل بكثير من الظرف الحالي، تعني أن المحاولة الراهنة هي استجابة لبنود تلك الصفقة، وليس لتحولات طرأت على مفاهيم هذا الطرف أو ذاك.
لكن من الطبيعي أن نستنتج أن ما يجري في غزة والقاهرة الآن هو الترجمة المؤسفة للحالة السائدة، والتي لا تسري على القضية الفلسطينية وحدها، لكنها تشمل الإقليم المهزوم برمته وبمعظم دوله الكبيرة والصغيرة.
ولنعترف أيضا أن ما يخطَّط له لا يكتب له النجاح دوما، فثمة الكثير من الشطط والجشع والخطأ في التقدير، او المبالغة في حجم اللقمة التي تُبلع. وقد لا يعول المرء كثيرا على اوراق هذا الطرف او ذاك، على ضوء سلسلة من المفاجآت والتحولات التي تهب دون توقف، بعد ان اصبح الارهاب لاعبا اساسيا في كل القارات، وبعد ان ضاعت حقوق وانهارت دول واندثرت مفاهيم ومعايير وظهرت أخرى، وأضحى مستحيلا رسم خريطة ثابتة لموازين القوى والرعب، فما بالك بالمصالحة الفلسطينية؟!!!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
10/10/2017
1465