+ A
A -
كان واضحا منذ البداية ان محافظة ادلب خط احمر تركي، فهذه المحافظة ذات العشرة الاف كيلومتر مربع والثامنة مساحة والخامسة سكانا بين محافظات سوريا الاربع عشرة، تطل بكامل حدودها على تركيا، وتلاصق اوروبا من خلفها مباشرة.
لذلك ليس مستغربا ان يعلن اردوغان توسيع عملية «درع الفرات» الهادفة لتطهير شمال سوريا من داعش وحزب العمال الكردستاني، لتشمل الآن عدوا ارهابيا جديدا ألا وهو تنظيم القاعدة الذي يقدم نفسه للعالم تحت اسم «هيئة تحرير الشام».
لكن الاهم من توسيع العملية هو منح الجيش السوري الحر دورا محوريا في طرد واجتثاث النصرة من محافظة ادلب وريفها. ومثلما هو معروف في كل الحروب والمعارك، فإن ما ينجز على الارض يترجم الى مكاسب على طاولة المفاوضات.
واذا كانت انقرة قد نجحت في اخراج الجيش الحر الذي شكل طليعة الثورة السورية، من الظلمات الى النور، فإن دخوله في مجابهة عسكرية مباشرة مع جبهة النصرة المسيطرة على اجزاء كبيرة من محافظة ادلب، سيعزز مكانته ويمنحه دورا سياسيا، قد يكون مهما جدا، في رسم مستقبل سوريا، رغم غضب النظام.. بصمت.
وتركيا من الدول القليلة التي بقيت تدعم الجيش الحر باعتباره القائد الشرعي للمعارضة السورية المسلحة والذي فشلت مساعي النظام في شطبه من الخريطة واعتباره منظمة ارهابية. هذا المفهوم الخاطئ والدكتاتوري تبنته موسكو في السابق على قاعدة غير سوية تعتبر من يرفع السلاح في وجه قوات الاسد، ارهابيا.
هذا المنطق الذي يتعارض مع كافة المعايير والمبادئ الخاصة بحق الشعوب في مقاومة الطغاة ، اسقطته تركيا وأقنعت روسيا بأن الجيش الحر تأسس في الاصل للكفاح من اجل الحرية، وهو مدخل مناسب لاحترام الرأي والرأي الآخر، حسب انقرة، وإعطاء التسوية المأمولة (والصعبة في الواقع) فرصة للنجاح، ولو مؤقتا.
وعملا بالمبدأ الديمقراطي الاساسي الذي مفاده أن لا دولة عادلة دون معارضة فعالة، أذعن بويتن للفكرة التي سادت في النهاية اروقة العواصم الثلاث الضامنة لوقف القتال: موسكو وأنقرة وطهران، ليصبح الجيش الحر بالتالي شريكا رسميا في الحكم، خلال المرحلة الآتية.
وكما تقول تقارير موثوقة، فقد استقدم الجيش الحر الى الجانب التركي من الحدود مع سوريا، حشودا كبيرة لنشرها في كامل المحافظة، كما بث الجيش شريطا مصورا يظهر جانبا من الارتال التي نقلها من منطقة بريف حلب خاضعة لعملية درع الفرات، في الوقت الذي تدعم فيه القوات التركية عمليات التطهير التي يباشرها الجيش الحر بإسناد من الطيران الحربي الروسي.
ويجري تنفيذ عملية السيطرة على محافظة إدلب في اعقاب الجولة السادسة من مؤتمر الاستانة، والتي نصت على اخضاع المحافظة لاتفاق خفض التوتر الساري نسبيا في بقية المحافظات، تمهيدا لسيطرة القوات التركية على مدينة ادلب، في موشر لاستكمال عملية درع الفرات وما يعنيه ذلك من تحقيق الامن الحدودي، ومنع تحول تلك الحدود الى ممر للارهاب تجاه الاراضي التركية على حد وصف اردوغان.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
09/10/2017
1462