+ A
A -
.... وعلى خلفية رفع العقوبات الأميركية عن السودان، يتندر السودانيون: السودان برضو رفع اسم أميركا من اسمي الدولتين اللتين دنا عذابهما!.
الدولتان هما: أميركا وروسيا.
كان الوعيد للدولتين ذات سنوات من الطيش والأوهام الفارغة. كان ضمن شعارات كثيرة، تجسدها مئات الآلاف من الحلاقيم المجرحة.. ويجسدها الرقص المهووس بالكلاشنكوفات في الساحات.. وفي الشاشة الرسمية الصغيرة.
«أميركا..روسيا قد دنا عذابها،
على إن لاقيتها، ضرابها!
كان ذلك ذات تجييش لمختلف كيانات المجتمع: موظفين وطلاب وعمال وتجار وباعة متجولين، لخوض الحرب «المقدسة» في الجنوب «حيث الحور العين في انتظار زف الشهداء، الذين تفوح منهم رائحة المسك.. وحيث التأهب لخوض الحرب ضد أميركا الكافرة»:
«الطاغية.. الأميركان ليكم تدربنا..
بكلام الله، والرسول ليكم تسلحنا!
هكذا: كانت الشعارات. وكان التجييش.. وكانت الحرب التي أكلت ما أكلت من انفس بالجملة.. ومن موارد بالجملة.. وزرعت ما زرعت من بذور الكراهية والثارات، وكان منطقيا بالتالي ان يروح الجنوب الذي كان يمثل ثلث مساحة المليون ميل مربع.. ويمثل ثروة بشرية ونفطية وغاباتية ومائية.. يروح بعيدا بحق تقرير المصير، والانفصال المر.
تلك الشعارات، جنبا إلى جنب مع مع دعم كافة التنظيمات المتشددة، كانت وراء وضع السودان في قائمة الدول التي تدعم الإرهاب.. وكانت بالتالي وراء وضع السودان في القائمة الأميركية السوداء.. ووراء العقوبات تلك التي امتدت لما يزيد على العشرين عاما!
من الرابح في تلك، ومن هو الخاسر الاكبر؟
الإجابة لا تحتاج لقليل من حك الدماغ، والسودان هو الذي ظل يسعى لرفع العقوبات، ويقدم ما يعرف بالتنازلات المؤلمة، ويوسط من يوسط من الدول التي لها صوت وتأثير في الإدارة الأميركية!
.... ورفعت العقوبات.
وفي رفع العقوبات، مصالحة. وفيها مصلحة- دون ادنى شك- والمصلحة يكسب منها أي من الجانبين.. والمصالحة تجعل المقولة القديمة.. مقولة انه ليست هنالك من عداوة دائمة في السياسة، تأخذٍ تمام تجليها!
من كان ينظر إلى النظام السوداني في زمان شدته وتشدده وغلوائه، يظن ان ما بينه بين أميركا، ما صنع الحداد.. يظن ان العطار لن يصلح اطلاقا ما قد افسد دهر العداوة السياسية الغشوم. يظن ان مقولة لا عداوة دائمة في السياسة، هي من اقوال رجل لا يعرف السياسة، بكل صداقاتها وعداواتها، وأي من الاثنين لا يكتسب صفة الديمومة، إلا في فهم هزيلي المعرفة، قصيري الخيال!
رفعت العقوبات. وهلل ذات النظام الذي كان قد تسلح للأميركان، وتوعد اعظم دولة في العالم، بدنو عذابها!
كان يمكن لهذا الرفع ان يمر عاديا، دون تهليل، وفي ذلك بعض من حفظ ماء الوجه لكل سنوات التجييش والغلواء، ولكل هتافات الشهداء.. لكن الرفع صار كل كيان من كيانات النظام يحسبه واحدا من انجازاته: الأمن الوطني والخارجية وطه الذي كان مديرا لمكاتب الرئيس، ووفد شعبي زار واشنطن. و.. و.. ما اكثر الذين ينسبون رضاء أميركا لمجهوداتهم الخارقة، الجبارة!
الآن.. السودان وأميركا عسل على لبن..
من تغير؟
بالطبع، أميركا لا. إنها لا تزال أميركا، بخيرها وشرها.. لكن نظام البشير تغيّر مائة وثمانين درجة!
اسألوا كل الغلوائيين الذين الذين يهللون الآن لأميركا، تلك التي لن يدنو عذابها على الإطلاق بالأعصاب الفائرة، والعرضة بالكلاشنكوفات، وهتافات الحلاقيم المشروخة!

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
09/10/2017
2709