+ A
A -

لعل اهم ما انطوت عليه زيارة الملك سلمان لروسيا هو اعتراف السعودية الواضح بأن العالم لم يعد اميركيا خالصا، وإنما دخل مرحلة التعددية القطبية بجدارة روسية.
ولا يسعنا ونحن نراقب حصيلة زيارة ملك السعودية لموسكو وضخامة الصفقات والاتفاقيات العسكرية والاقتصادية والبترولية التي عقدت على هامش الزيارة، إلا ان نتلمس قدرا لا بأس به من ندم على المراهنة على الحليف الاميركي الذي خذل الرياض في كل شيء تقريبا وعد به، خاصة إدارة ظهره بالكامل لفلسطين، وتوقفه المفاجئ عن التعهد باحتواء ايران، تاركا مقارعة طهران للسعودية، واسرائيل إذا أرادت.
لكن ما فات صناع القرار في السعودية ان العالم كان في مايو الماضي، عندما عقدت الصفقة الكبرى بينها وبين دونالد ترامب، احادي القطبية، لكنه اصبح الآن في مطلع اكتوبر بعد نصف سنة فقط ثنائي القطبية، وهي حالة نجح فلاديمير بوتين في ترسيخها من خلال حج الى موسكو اقدمت عليه دول اخرى غير السعودية في الايام الاخيرة، مثل ايران ومصر وتركيا وإسرائيل.
وكانت المفاجأة الثانية اسرع مما توقعنا، وذلك عندما اعلن عادل الجبير ان بلاده وروسيا تعملان عن قرب على توحيد المعارضة السورية، وان موسكو متفقة مع الرياض على وحدة اراضي الدولة السورية ومؤسساتها.
فماذا يعني هذا سوى ان السعودية قد انهت تماما اي علاقة مباشرة لها مع المعارضة السورية، وسوى انها تبنت بالكامل الرؤية الروسية لمستقبل سوريا؟ وفوق ذلك فإن ما اعلنه الجبير ولافروف حول وجود خلاف بين روسيا والسعودية حول مصير بشار الاسد، ربما يخضع للتبدل على ضوء التفاهمات والاتفاقيات الكبرى التي وقعها البلدان. وإذا كان وزير الخارجية السعودية قد دعا الى حل سياسي للأزمة السورية يحافظ على مؤسسات الدولة، فقد دأب ساسة كثيرون على استخدام هذه العبارة تحديدا لاشتمالها على تفسير يقول ان الرئاسة في دمشق هي على رأس مؤسسات الدولة.
والملاحظ ان زيارة اول ملك سعودي لروسيا شملت شراء انظمة دفاع جوي متطورة وإنشاء صندوق استثمار، لكن تقييم الرياض الإيجابي للمبادرة الروسية الهادفة لانهاء الازمة السورية، لم يوازِهِ في الاهتمام ما يجري من تطورات بشأن ايران وفلسطين.
وإذ اعطت موسكو والرياض حيزا كبيرا من مباحثاتهما لقضية النفط الذي اتفقا على رفع سعره بعد مارس من العام المقبل، فإن البلدين لم يأتيا على ذكر قضية الصراع في الشرق الاوسط والمصالحة المشبوهة الجارية الآن بين فتح وحماس لإخضاع فلسطين والمنطقة للإرادة الاسرائيلية، كما امتنع الملك عن إثارة الوضع الايراني في المنطقة العربية، وهو موضوع تردد قبل الزيارة انه ستتم إثارته امام بوتين ودعوته الى لجم توسع طهران في العراق وسوريا.
وهكذا فإن ما تمت إثارته في موسكو من امور تتعلق بالتعامل مع ايران التي هددت الرياض وواشنطن سابقا باحتوائها ولو بالقوة، بقي طي الكتمان، وكذلك لم يشر الكرملين والرياض ولو بكلمة الى ما يجري من احداث جسام بدأها ترامب ويستكملها بوتين هدفها تصفية قضية فلسطين بما يرضي نتانياهو وعصابته.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
07/10/2017
1761