+ A
A -
يبدو من دراسة الاستفتاء الكردي وردود الفعل والاحوال الجيو - سياسية المحيطة بالقضية، ان رئيس سلطة اربيل مسعود البرازاني اضر بمسألة استقلال الاكراد بدل ان ينفعها.
ورغم حمل بعض سكان اربيل الاعلام الاسرائيلية خلال الاستفتاء فإن الشعب الكردي عموما ما زال يربط الصهيونية واسرائيل بكل ما هو شرير ومضلل، وإذا كانت النخبة المتصهينة التي تكن الكراهية العرقية للعرب قد استثمرت من قبل الدائرة المحيطة بالبرازاني لدفعها الى المطالبة بالاستقلال، فإن تفرد اسرائيل من بين جميع دول العالم، بالسعي الى فصل كردستان عن العراق، بيّن للعرب كما للكرد، ان ما يشغل الدولة الصهيونية هو تقسيم العراق وسوريا، خدمة للموساد وأهدافه.
وكما اكتشف المحللون، فإن الفقاعة اليهودية سرعان ما انفجرت في سماء كردستان لتسيطر على الاجواء أسباب ودوافع اقليمية تضافرت بحزم وسرعة غير متوقعين لاجهاض نتيجة الاستفتاء، وعدم تمكين البرازاني من البناء عليها وصولا الى استقلال كردستان العراق.
لقد اخفق البرازاني في ادراك ما تعتقده غالبية العراقيين حول ضرورة الحفاظ على وحدة الدولة، كما عرفوها قبل الغزو الاميركي، علما بأنهم يعتبرون اربيل بأهمية بغداد والسليمانية بأهمية البصرة.
وقد استاءت الدوائر المؤيدة لاسرائيل عندما اكدت «هيرو» عقيلة الراحل جلال الطالباني، ان الاستفتاء يشكل تهديدا جديا لحياة ومعيشة مواطني كردستان ومكتسباتهم، وبأن الشعب الكردي دفع ضريبة هذا العناد، مطالبة الشعب بمراجعة الموقف وتقييم الظرف الحالي بصورة واقعية ودقيقة.
وهكذا تتمرد السليمانية ثانية مدن الاقليم والتي تضم الحزب الاكبر الرافض لفكرة الاستفتاء، على مسلك البرازاني الذي تصرف لوحده ودون الرجوع الى رأي الاحزاب الكردية في كردستان، ناهيك عن آراء نسبة لا يستهان بها من اكراد سوريا والعراق وإيران ممن لا يرون ان الظروف الحالية مواتية لاستقلال الاكراد، خاصة وأن مثل هذا القرار سينسف امن اربع دول: العراق وسوريا وتركيا وإيران، إذا تم تقسيم البلاد في حالة مشاركة اكرادها بدولة جديدة تُقتطع من أراضي الدول الأربع.
وما فاجأ الجميع، هو ذلك السد المنيع ضد انفصال الاكراد، والمتمثل في تحالف تركي إيراني - عراقي وإقامة الدول الثلاث غرفة قرار على مستوى الرؤساء لإفشال هذا المشروع الذي ينسف الأمن القومي في الدول الاربع المذكورة في حالة تنفيذه.
وفيما تتخذ حكومة بغداد المركزية خطوات عقابية تدريجية لخنق الاقليم المتمرد كردستان واقفال مرافئه ومنافذه وعرقلة تصدير نفطه، فإن الدول المتضررة جهّزت خططا عسكرية طارئة لتطبيقها ضد الاقليم في حالة عدم تراجع اربيل عن الاستفتاء.
وحتى سوريا التي تعارض إنشاء كيان كردي في شمالها، فإنها ترفض هذه المساعي، دون ان تستطيع اعلان نواياها جراء وضعها السياسي المرشذم وعجزها عن مباركة خطوة الدول الثلاث.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
06/10/2017
1328