+ A
A -
عندما يصل الملك سلمان إلى موسكو اليوم الخميس، فإنه يحذو حذو الأتراك والمصريين والأردنيين والإسرائيليين الذين يتعاملون الآن مع فلاديمير بوتين، على أنه سيد الشرق الأوسط الجديد.
ورغم أن بعض المواقع بثت تقارير تفيد بأن ملك السعودية ذاهب إلى روسيا لتنسيق المواقف بشأن النفط ومستويات الإنتاج والتسعير، فقد ذابت تلك التقارير يوم صدورها، حيث تبين أن هدف هذه الزيارة هو إقناع روسيا بكبح جماح إيران ووقف توسعها السياسي والجغرافي.
وسبب الحرج فيما يتعلق بالملف الإيراني، هو أنه سبق للسعودية والولايات المتحدة أن اتفقتا في قمة الرياض بمايو الماضي، على ضرورة احتواء إيران ووضع حد لأطماعها في الشرق الأوسط.
لكن ترامب، بصراحة، خذل الرياض وتخلى عن وعوده، ذلك أنه أوقف لهجة التهديد والوعيد تجاه طهران معللاً ذلك بالقول إن الأولوية الآن للحرب على داعش، وليس مواجهة الإيرانيين أو نظام الأسد.
وكما تقول مصادر مقربة من الكرملين، فإن بوتين، رغم تركه مساحة لاجتذاب ضيوفه القادمين من الشرق الأوسط والخليج وشمال إفريقيا، قد اتخذ موقفاً صلباً ــ وإن كان مغلفاً باللباقة والتهذيب ــ دفع تلك المصادر إلى القول إنه لن يغير موقفه بشأن طهران إرضاء لأحد، حتى لو كانت السعودية.
وتتباهى موسكو بالقول إن بنيامين نتانياهو المعروف بوقاحته وإلحاحه، فشل خلال أربع زيارات قام بها لموسكو، في إقناع بوتين بلجم إيران التي اتهمها باستعمار سوريا تمهيداً لتدمير إسرائيل وغزو الشرق الأوسط، كما رفض الرئيس الروسي إقامة منطقة عازلة تبعد طهران «60» كيلومتراً عن الحدود السورية.
وكان أردوغان أول من اكتشف أن ترامب يكرر مواقف أوباما المتخاذلة والمترددة تجاه طهران ففضل أن يشارك روسيا وإيران في التخطيط لمستقبل سوريا، بدل أن يتركهما ينفردان بها، ثم استضاف بوتين على العشاء في أنقرة ليسفر اللقاء عن شراء تركيا منظومة الصواريخ الروسية المضادة الأكثر تطوراً «إس - 400»، ما أغضب إسرائيل وأميركا والأطلسي ذاته.
وفيما أسهم الاستفتاء الكردي في تقارب قوي وواسع بين تركيا وإيران، فإن هذا التقارب ربما يفيد في محاولة التوصل إلى حلول للحروب في سوريا والعراق واليمن، والتفرغ عسكرياً إذا لزم الأمر لإجهاض مشروع الاستقلال الكردي الذي يطال مناطق في أربع دول: العراق، سوريا، تركيا، إيران.
قد يكون من مصلحة موسكو في ضوء هذه المستجدات، إرضاء أنقرة وطهران، أكثر من إرضاء الرياض التي شعرت الآن بضرورة ذهاب الملك بنفسه إلى روسيا، بعد أن سلّم أوباما النسخة الأميركية الأولى من مفاتيح سوريا إلى بوتين، ثم سلمه ترامب النسخة الثانية.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
05/10/2017
1492