+ A
A -
لم يكن مستغربا ان يطل تنظيم «الدولة الاسلامية» داعش، برأسه على جريمة لاس فيغاس المصنفة كإحدى أسوأ الكوارث الارهابية في تاريخ الولايات المتحدة، ويتبناها في بيان اصدرته وكالة انباء «أعماق» الناطقة باسمه. فلماذا لا يفعل التنظيم ذلك ومرتكب الجريمة قد انتحر آخذا سره معه؟!
الـ «إف.بي. آي»، أنكرت صلة داعش بما اقترفه «ستيفن بادوك» الأميركي الابيض الذي امطر جمهورا من «22» ألفا بوابل من رشاشه الاتوماتيكي، بعد ايام من خطاب منسوب لزعيم داعش ابوبكر البغدادي، تزامن مع هجمات كبيرة للتنظيم في سوريا والعراق.
ولم يكن انتحار بادوك هو الصدمة الوحيدة التي انطوت عليها تلك المأساة، فثمة سلسلة صدمات اخرى، منها ان عُمْر منفذ الهجوم (64 عاما)، ومنها انه مليونير يعمل في قطاع العقار، ومنها انه ادخل إلى غرفته في الفندق «18» سلاحا وكمية كبيرة من المتفجرات والذخيرة، وأنه طيار مرخص وهاوي صيد، فيما كان والده واحدا من المطلوبين للعدالة باعتباره لص بنوك محترفاً، في النصف الاول من القرن الماضي.
صيد ثمين إذن لداعش الذي استفاد من عدم انكشاف الحقائق جراء انتحار المنفذ. فقضية كهذه ستظل محمّلة بالشكوك والاحتمالات، ما دفع التنظيم إلى الادعاء في بيانه بأن بادوك اعتنق الإسلام قبل عدة أشهر، وأنه جندي تابع «للخلافة» وقام بالعملية استجابة لنداءات باستهداف دول التحالف الذي تقوده واشنطن ضد «تنظيم الدولة».
قائد شرطة لاس فيغاس قال إنه لا تتوافر أدلة على اعتناق بادوك الإسلام، كما انه ليس صاحب سوابق، وسجله نظيف تماما، ما يعني ان البحث سيطول، وكذلك الغموض الذي يكتنف انتحاره، وسر إقدامه على جريمة كهذه وهو في الرابعة والستين، وذلك في وقت استنتج فيه الباحث الاردني بشؤون الارهاب محمد أبورمان من الخطاب المنسوب للبغدادي اننا امام نسخة جديدة من داعش، قفز فيها من مفهوم الدولة الى حرب العصابات والخلايا النائمة مرة اخرى.
وكانت كلمات ترامب بعد مجزرة لاس فيغاس منتقاة بعناية، ومؤثرة، عندما قال ان ما جرى «يجعلنا نبحث عن معنى ما وسط الفوضي والشر المطلق»، غير ان سقوط «59» قتيلا و«527» جريحا هو اكثر من ذلك.. إذ انه اعلان حرب سواء كان إرهابا خارجيا، أم داخليا، ما لا يستدعي الحزن والحداد فحسب، ولكنْ ما يثير الأسئلة والكثير من القلق والخوف في كل مكان للإرهاب فيه وجود أو خلايا نائمة، أو تسمح فيه دولة كأميركا ببيع السلاح للمواطنين.
ليس مهمآً إنْ كان البغدادي حياً أو وراء الهجوم، لكن المرعب أن يتبناه داعش «رسمياً»، حتى لو ثبت بالقطع عدم ضلوعه. والمرعب أيضا ان هذا التنظيم يستنسخ ذاته بتنويعات تلائم إمكاناته، في الوقت الذي يثير فيه العجوز الأميركي الإرهابي ستيفن بادوك - وهو يستهدف من الطابق «32» الجمهور المتجمع لسماع أغاني فنان معروف - خيال الخبراء والباحثين عن الحقيقة وسط هذا الكم المروع من الموت والدمار، بغية التعرف على المسؤولين عن إيصال عالمنا إلى حافة الفناء، حتى أصبحنا جميعاً نعيش فيلم رعب ليس له آخر.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
04/10/2017
1581