+ A
A -
كيف يمكن لعاقل أن يعلق ولو ببصيص أمل، على إنجاز مصالحة حقيقية بين حركتي «فتح» و«حماس»، تسمح بها إسرائيل وتصمت عنها واشنطن وترعاها مخابرات السيسي، وتبصم عليها الدول العربية «الكبرى»؟
ولماذا سقط فجأة الفيتو الاميركي والرفض الاسرائيلي وتحفظ اللجنة الرباعية، ووافق كل هؤلاء ان يلتقي حمدالله وهنية، لصياغة صلح غير وارد أصلا بين مفهومين متناقضين: مفهوم المقاومة ومفهوم الركوع؟
لا أحد يرفض المصالحة حين تكون متكافئة وملتزمة بالثوابت، لكنّ للمصالحة أسسا وشروطا ومتطلبات وظروفا لا يتوافر أي منها. كما لا يحتاج المرء الى قسط كبير من الذكاء ليدرك حجم الألغام والعراقيل التي تعطل التلاقي السياسي بين رام الله وغزة.
وإذا كان عمق الخلافات قد أفشل سلسلة محاولات سابقة للتصالح والتفاهم، فما الذي حدث لنرى المساعي الحالية المشبوهة تكلل بنجاح مزعوم؟ المضحك أن أحدا لم يخبرنا حتى الآن بتفاصيل المصالحة المفبركة، أو بالدوافع والأسباب والضغوط التي جعلت حركة «حماس ـ غزة» تنجر الى المربع الفتحاوي، وهو الاستنتاج المنطقي الوحيد الذي يمكن استخلاصه من لقاءات بين الجانبين كانت تبدو غير واردة قبل أسابيع فقط.
لا توجد في الواقع شراكة حقيقية تسمح لسلطة رام الله بالقدوم الى غزة لإدارة القطاع في ظل حكومة «وفاق وطني» شكلت في ساعات، ومستعدة، كما يقال، لتسلم كل شيء بما في ذلك الأمن والمعابر والمخافر والسلاح!
ولكن ما مصداقية ما أعلنه موسى أبومرزوق في «22» سبتمبر من أن سلاح المقاومة ليس مطروحا للنقاش؟ فإحساسنا أن تسليمه هو المطلب الأول للطبخة الحالية. وماذا بشأن توحيد أجهزة الداخلية في الضفة والقطاع وما مصير الأنفاق التي تشكل هاجسا للعدو، وماذا سيحدث للجنود الاسرائيليين الأسرى في غزة؟
بصراحة، هناك انهيار في الجدار الحمساوي منذ قبول قيادة القطاع الجلوس مع تيار محمد دحلان، إذ أن اتجاه البوصلة كان واضحا منذ تلك اللحظة، ويقود نحو أمر واحد: الرؤية التي حددتها إدارة ترامب والتي تبشرنا بصفقة كبرى(!) للصراع في الشرق الأوسط.
ما تجهزه واشنطن والصهيونية ليس صفقة كبرى، بل خدعة كبرى، تذكّرنا بوعود بيريز الخائبة تحويل غزة إلى سنغافورة الشرق الأوسط. ولكن، ما الذي دفع «حماس ـ غزة» إلى تجربة هذا الطريق الملغوم؟ وهل الحركة تناور أم تغامر أم تقامر، أم هل هي اقتنعت بأنه آن أوان الرضوخ؟
قيادات «حماس» في الخارج ترفض ما يجري تماما، لأنه سيعمق الخلاف ويقر بأن الحركة إرهابية ومطلوب منها تسليم أسلحتها. والذي يدور في غزة اليوم هو الترجمة الحرفية لمشروع ترامب الذي خرج الى العلن في مايو الماضي عندما اتفق مع الملك سلمان في الرياض على صياغة شرق أوسط إسرائيلي في الواقع، من خلال تفعيل جزئي مريب لمبادرة السعودية في قمة بيروت عام «2002».
المرعب أن المبادرة «المعدلة» أسقطت شرط الانسحاب الإسرائيلي إلى حدود 1967 ـ وإخلاء الجولان وشرط عودة اللاجئين، مقابل التطبيع والاعتراف العربيين بإسرائيل، وهكذا تحوَّلت مبادرة بيروت العربية من مبادرة سلام إلى صك استسلام!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
03/10/2017
1568