+ A
A -
لا أدري لماذا تزورني منذ عقود رؤية أظنها مدهشة، لدولة الاحتلال اليهودي، وهي تحلق فوق رأسي كالمنطاد، متباهية بفلسطين المسروقة.
غير ان الصور المتتابعة لرحلة هذا المنطاد العملاق، تظهر منذ وقت مبكر فشل المشروع الصهيوني في اخضاع تلك الارض او اهلها، بدليل ان شعبها لم يرفع الراية البيضاء، فيما لم يحقق الغازي الانتصار.
هذه المعركة المفتوحة تعني ان الصراع متواصل الى ان يسقط المنطاد ويحترق، اذ تقول تكملة الرؤية انه يُثقَبُ من مكان فيتم رقعه، ثم يُثقب من مكان آخر فيُرقع، وهكذا، ثقب وراء ثقب ورقعة وراء رقعة حتى يصير المنطاد كتلة قابلة للانفجار.
وجاء آخر هجوم بطولي على مستوطنة قرب القدس، نفذه الشهيد نمر الجمل، بمثابة واحد من تلك الثقوب، لقي فيه ثلاثة محتلين حتفهم قصاصا لهم على عدوانهم، وبعد يومين صوت الانتربول الدولي لقبول فلسطين عضوا فيه رغم جهود واشنطن لمنع حدوث ذلك، فرأينا ثقباً آخر يشهد بأن اسرائيل عاجزة عن اثبات شرعيتها.
وعندما نستعرض الثقوب منذ اول «كيبوتز» اقيم على أرض فلسطين قبل وعد بلفور، نستنتج بأن «الرتق اتسع على الراتق»، عبر شريط طويل من العمليات الاستشهادية وباقي اشكال المقاومة المسلحة او الاحتجاجية، وما يترتب عليها من انتقام اسرائيلي يتضمن سلسلة اجراءات وحشية كهدم المنازل والتعذيب والاعتقال والإبعاد والحواجز وحبس الاطفال وقتل الشبان وحرق المنازل والشجر.
ولا نبالغ حين نقول انه لم يمر يوم واحد منذ فرض اسرائيل بالقوة الامبراطورية البريطانية على فلسطين، دون تعبير عملي ما، على ان هذا الاحتلال محكوم عليه بالإعدام، حتى يحل السلام في كل مكان من العالم، فيه يد صهيونية.
لا نؤمن بحل الدولتين ولا بالتعايش، فقد اجهضتهما اسرائيل، بل نؤمن بضرورة استرجاع كل ملمتر من فلسطين مهما طال الزمن. فهذه الارض، كما تبرهن الحقائق يوما بعد يوم، لم تكن يوما مقفرة او مهملة كما ادعت سيئة الذكر غولدا مائير ومن بعدها سيئ السمعة بنيامين نتانياهو الذي زاد: فلسطين كانت فارغة من السكان، فجاءت الصهيونية لتعيد بناءها.
هذه الاقوال تضر حتى بالرواية الصهيونية الكاذبة اصلا، وتجعلها اضحوكة للمؤرخين والاكاديميين، وكافة امم الارض، خاصة بعد ان حطم خبراء اليونسكو مؤخرا، اصنام الزعم بأنه كانت لاسرائيل صلة تاريخية بالقدس.
آلاف من امثال نمر الجمل تعاقبوا ويتعاقبون، ورفعوا ويرفعون شعار الصمود عقودا وأجيالا ويثقبون المنطاد الهمجي، فيما وصل عدد الدول التي تعترف بفلسطين الى «140» ثقباً في المنطاد، عدا عشرات المنظمات الدولية التي انضمت اليها وآخرها الانتربول المكلف بملاحقة المجرمين لمحاكمتهم.
ستخرج النمور وتُستل السيوف والسكاكين وتُطلق الصواريخ وتُفجر المواقع. وإذا كان نمر الجمل الأب العطوف الخلوق كما وصفه جيرانه، قد جيّر اخلاقه للتحرير والشهادة، فالمسيرة ماضية رغم دكاكين العملاء وأنصار الصهيونية المجرمة من مالكي السلاح والذهب وضمائر بعض «الأشقاء»، ولولا ذلك لما حظيت دولة اليهود المزعومة بحبة رمل، لكن الآتي أسوأ وأعظم.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
29/09/2017
1638