+ A
A -
حتى لو سميناه »تحالف المضطرين«، فإن التقارب المتسارع بين تركيا وإيران، والهادف أساساً إلى إجهاض مشروع الدولة الكردية التي زرع بذرتها البارازاني، سيضم جدول أعمال عريضاً يشمل قضايا المنطقة بدءاً بسوريا والعراق مروراً بالأزمة الخليجية والولايات المتحدة وروسيا، وانتهاء بالصراع الإسرائيلي ــ الفلسطيني.
وإذا كانت زيارة رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري لأنقرة الشهر الماضي ــ وهي الأولى على هذا المستوى منذ أربعة عقود، خطوة ذات إيحاءات عسكرية لكبح جماح المشروع الكردي، فإن التنسيق بين البلدين سيطال إسرائيل التي لن تبقى مكتوفة الأيدي وهي ترى أقوى دولتين إسلاميتين في المنطقة تقيمان ما يمكن أن يتحول سريعا إلى تحالف لا مفر منه.
هذا التقارب يشكل هاجساً وقلقاً هائلين لإسرائيل التي انهمكت صحفها وقنواتها ومعاهدها البحثية في نشر الدراسات والتوقعات المترتبة على ذلك التعاون.
ولعل أهم هذه الدراسات ورقة صادرة عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي الذي عبر عن قلقه الشديد مما أسماه ارتفاع مستوى التقارب بين أنقرة وطهران، وكذلك مما وصفه موقف تركيا الداعم لقطر في الأزمة الخليجية، علاوة على علاقات البلدين الهشة مع النظام المصري.
وإذْ تعتبر دولة العدو تركيا وإيران عدوين يريدان إيذاءها، فقد استنتجت الورقة بأن تعاون الأتراك والإيرانيين يلغي فرصة التلاقي بين أنقرة والقدس المحتلة لمواجهة ما سمته الدراسة طموحات طهران في المنطقة، مشيرة إلى أن الخطورة تتفاقم جراء علاقات تركيا مع حركة حماس وتحريضها الفلسطينيين على صد إجراءات إسرائيل في المسجد الأقصى مؤخراً، وبطبيعة الحال، تهديدات طهران المستمرة للدولة العبرية.
وانتقدت الدراسة المذكورة التي أعدها خبراء في الشؤون الإيرانية والتركية بالموساد، وقوف أنقرة وطهران ضد المحور القريب من إسرائيل، مشيرة بشكل مباشر إلى تدهور العلاقات مع القاهرة، ووقوف تركيا وإيران دون تردد إلى جانب قطر في الأزمة الخليجية، لمواجهة من وصفتها الدراسة »الدول العربية السُنية المعتدلة«.
أما بخصوص الأزمة الكردية التي فجرها استفتاء لم يؤيده أحد باستثناء إسرائيل والإمارات، يجدر التذكير بمئات الخبراء الأمنيين والعسكريين الإسرائيليين الذين يتدفقون على كردستان بتكتم ويتشاورون على الدوام مع سلطة البارازاني.
وبعد أن صرح رئيس الأركان الإيراني للصحافة إثر اجتماعه مع أردوغان في أنقرة بأن لدى البلدين مواقف مشتركة ضد التحرك الكردي الذي توقع له أن يمتد من العراق إلى دول الجوار، قال أردوغان إن عملية مشتركة مع إيران ضد المقاتلين الأكراد مطروحة على الدوام.
ويشير محللون إلى أن ايفاد أهم مسؤول عسكري إلى أنقرة، هو بمثابة رسالة مفادها أن اللجوء إلى القوة لإحباط مشروع البارازاني هو خيار وارد، في وقت أعدت فيه تركيا وإيران خططاً طارئة للتعامل بقسوة مع أي تدخل إسرائيلي مباشر أو غير مباشر لصالح فصل إقليم كردستان عن العراق، وذلك إضافة إلى قرارات عسكرية حاسمة اتخذت أو ستتخذ من قبل حكومة بغداد وحكومة أنقرة، ومعاقبة كردستان واحتلال المناطق المتنازع عليها في الإقليم وإغلاق كافة المعابر معه.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
28/09/2017
1664