+ A
A -

كلٌ يحلم، والأحلامُ في هذه الدنيا على قدر من ينوم.. وعلى قدر من يُفتّح عينيه!
أحلام في المنام، وأحلام في اليقظة.. والفرد- أيا كان- هو في النهاية، مخلوق حالم.
أنا أحلمُ، لا يعني فقط، أنني موجود، بقدر مايعني أنني أتطلعُ.. لأرسم مستقبلي!
السؤال الذي غالبا ماتطرحه الأسرة- أي أسرة- على أي من أطفالها: بماذا تحلمُ أن تكون؟
أطفالنا يحلمون..
منهم من يحلمُ أن يصير طبيبا، ومنهم من يحلم أن يصير مهندسا.. وآخرون يحلمون أن يكونوا أنجما: لاعبين، أو ممثلين، أو مغنيين، أو إعلاميين.. ومنهم من يحلم أن يصير عالما نوويا، أو عالم رياضيات، أو فقيها في الدين!.
تنفرج أسارير الأسرة- أبا وأما وأشقاء وشقيقات وأخوال وخالات وعمات وأعمام- وهم ينظرون إلى (جناهم) عبر سدف الغيب، وقد صار كذا أو كذا أو كذا.. ويروح جناهم (ينطط) فرحا، وهو يتوهم انه قد صار ماقد كان يحلم!
لماذا، تحصرُ الأسرة- أي أسرة- سؤالها الشائع- فقط- في الحلم الوظيفي.. في الاحلام المادية، ومن الأحلام ماهو معنوي، وأعلاها على الإطلاق تلك التي يستقيمُ بها الفرد.. وتستقيمُ بها الحياة، وتحلو!
«شيبتني هود واخواتها»..
هكذا قال النبي الكريم، وهو يشير إلى الآية الكريمة، في سورة هود: «فاستقم كما أمرت».
بالاستقامة- وفقا لتعاليم الرب ووصاياه- يصير الفرد من ذكر وأنثى، إنسانا.. ونبينا الكريم بالاستقامة، تجلّت فيه كل كمالات الإنسان.
أحلمُ أن أستقيم.
ليت أن تكون تلك، هي حلم أطفالنا..
ليت أيا منهم، يحلمُ أن يصير إنسانا، قبل أن يحلم بأن يتخرج طبيبا أو مهندسا، أو نجما كرويا أو تليفزيونيا، أو مغنيا أو عالما، أو مجرد متفيقه، لم يرد به الله خيرا، إذ لم يفقهه في الدين!
لنعلم أطفالنا أن يحلموا بأن يصيروا.. إنسانا.
عالم اليوم- هذا الذي يتلظى بنيران الوحشية والكراهية وإلغاء الآخر والتشدد والغلو- لئن كان في حاجة إلى علماء ونجوم وأطباء ومهندسين وغير هؤلاء، فإنه في أمس الحاجة إلى «الإنسانيين».
هذا العالم، في مسيس الحاجة إلى «الأنسنة»..
ليت، كل فرد في هذا العالم، يكتب من كل ضميره، في هويته الداخلية: المهنة إنسان!
لو كان.. ماكانت في هذا العالم، كل هذه السكاكين الطوال.. كل هذا الجز للأعناق.. كل هذا الدم.. كل هذا اللؤم.. كل هذا الاستهزاء بالدنيا، وكل هذا التنفير من الدين!
بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
27/09/2017
2731