+ A
A -
هي المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية التي يتمكن فيها اليمين المتطرف في ألمانيا من أن يدخل البرلمان الألماني البوندستاج ولم يكن الدخول عاديا فقد فاز حزب البديل من أجل المانيا الذي يمثل النازيين الجدد بنسبة 13 % من أصوات المقترعين وحل ثالثا بعد الحزب الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والحزب الأشتراكي الألماني وكلال الحزبين كنا حلفاء في الحكومة الماضية، كما تقدم حزب البديل من أجل ألمانيا على حزب الخضر الذي كان يحتل المركز الثالث وكان يتمتع بحضور مميز لدى الناخب الألماني، وقد خرجت الصحف الألمانية بعناوين مختلفة تعكس حجم الصدمة التي جاءت بها الانتخابات الألمانية سواء داخل ألمانيا أو خارجها فبعض الصحف وصفت ما جري بأنه زلزال بينما عنونت صحف أخرى لما جري بأنه خطوة تاريخية إلى الوراء .
وقد أكدت نتائج هذه الانتخابات أن مزاج الناخب الألماني تغير مثل مزاج الناخب الأوروبي بشكل عام، فمنذ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 والغرب يبحث عن عدو يجمع حوله شعوبه، وقد كان الحديث عن حرب الحضارات بداية فاختاروا الاسلام وكانوا يصفونه في بداية التسعينيات من القرن الماضي بالخطر الأخضر ثم أصبح بعد ذلك الخطر الاسلامي، ثم يتحول بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى الإرهاب الإسلامي حتى اصبح كل مسلم إرهابيا حتى يثبت العكس من ذلك، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن والماكينة الاعلامية والسياسية الغربية تصنع الكراهية ضد المسلمين، وكان هذا كفيلا بأن تبدأ موجة من التعصب للعرق الأبيض في كل بلد أوروبي حسب التوجهات التي فيه إن كانت نازية مثل ألمانيا أو هولندا والنمسا أو كانت تحمل توجهات أخرى منتشرة في أوروبا لكنها تجمع علي تميز العرق الأبيض وكراهية المهاجرين والمسلمين منهم بشكل خاص، وقد ساعدت حملة الكراهية للاسلام والمسلمين التي قامت بها الأحزاب التقليدية في الدول الغربية للبحث عن شعبية إلى بروز تلك التيارات اليمينية المتطرفة التي بدأت تقدم للناس شعارات جذابة عن الأمن الاجتماعي والسياسي وتفرد العرق الأبيض ومن ثم فإنهم استطاعوا في كثير من الدول رغم إفلاسهم في أي مشروع حقيقي للتطبيق على الأرض من أن يحصلوا على نسبة عالية من أصوات الغاضبين على الأحزاب التقليدية التي أفلست إلى حد كبير في الاجابة على كثير من تساؤلات الناخبين ولم يعد لها وجود في الشارع، وكان غضب الناخب الفرنسي كبيرا حينما أطاح بمعظم السياسيين التقليديين وجاء بشاب أسس حزبا قبل أشهر ليصبح رئيسا ويشكل الحكومة بعد حصوله على الأغلبية في الجمعية الوطنية، ورغم شعبية ميركل إلا أن الماكينة الاعلامية واللوبي المتطرف في الحكومة الألمانية ساعد على صعود اليمين المتطرف وحصوله على تلك النسبة العالية من الأصوات التي ستمكنه من أن يلعب دورا معارضا وصوتا عاليا داخل البوندستاج وقد يؤدي هذا بطبيعة الحال إلى مزيد من التضييق على الأجانب وزيادة النفوذ العنصري لاسيما وأن الألمان سيتحولون خلال سنوات إلى أقلية في مجتمعهم بسبب قلة تناسلهم وزيادة عدد المهاجرين، لقد بدأت ألمانيا مرحلة جديدة ستتكشف توابعها في الأيام القادمة.
بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
27/09/2017
7476