+ A
A -
قبل 12 سنة وتحديداً في عام 2005 أحس كثير من الإذاعيين بنشوة بعد عودة الناس إلى الراديو (الإذاعة). لم تكن تلك النشوة متخيلة، بل كانت تؤكدها أرقام المستمعين الذين يتابعون الإذاعات خاصة أثناء قيادة السيارات.
التفت إذاعة عريقة أيامئذ، بل لعلها الأكثر عراقة في العالم، وهي إذاعة «بي بي سي» لظاهرة العودة إلى المذياع،سواء كان جهازاً تقليدياً أو داخل سيارة، أو هاتفاً محمولاً. بادرت وقتها «بي بي سي» إلى إنتاج استطلاعات إذاعية (ريبورتاج) في خمس دقائق لجذب مستمعين جدد، وظل السائد إن الاستطلاعات الإذاعية تكون في حدود دقيقتين وتبث في وسط نشرات الأخبار.
بيد أن تلك الموجة لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما تعب الناس من «الأصوات» سواء كانت أصوات مذيعي الأخبار أو معدي البرامج.
لكن الأمر سيتغير من جديد هذه السنة، طبقاً لتقرير نشره موقع «باباميل»الذي يهتم بالابتكارات الجديدة، فقد بدأ الناس يعودون من جديد إلى المادة المسموعة أي المذاعة عبر «التدوين الصوتي» أو «المدونة الصوتية» التي تفوقت فيها الصحافة الورقية.
على سبيل المثال أصبح هناك 700 ألف مستمع يتابعون النشرة الصوتية لصحيفة «نيويورك تايمز» من موقعها على شبكة الإنترنيت، والتي تركز على الأخبار والتقارير الأخبارية.
وخلال هذه السنة حظيت عدد من «بوداست» (تدوين صوتي) أو «بودكاستس» (مدونة صوتية) بشعبية واسعة في مختلف أرجاء المعمورة، حيث يتابع الناس من خلالها الأخبار والحوارات الإذاعية والإرشادات خاصة للأمهات وربات البيوت، والمقاطع الكوميدية، وحكايات ووقائع من الماضي.
من بين الصحف التي استفادت من الموجة الجديدة «الغارديان» البريطانية، التي استطاعت خلال فترة وجيزة أن تستقطب أعداداً كبيرة من المستمعين لموقع «بودكاستس» ضمن موقعها على الإنترنيت، أطلقت عليه إسم «قراءات الغارديان المطولة»، وتتراوح المدة الزمنية للمادة المذاعة ما بين 30 دقيقة إلى ساعة كاملة، مع تنوع في المواضيع لإرضاء جميع المستمعين.
لا يقتصر العودة إلى الإذاعة على مواقع الصحف الورقية، وتشير إحصاءات نشرها مركز البحث الأميركي «بيو رسيرش سنتر» إلى أن 67 بالمائة من البالغين الأميركيين يحصلون على الأخبار من «الشبكات الاجتماعية»، وتحتل شبكات «تويتر» و«يوتيوب» «وسناب شات» المقدمة، حيث أرتفع الإقبال على «تويتر» من 59 بالمائة خلال عام 2016 إلى 74بالمائة في العام الحالي، في حين انتقل «يوتيوب «السنة الماضية من 21 بالمائة، إلى 32 بالمائة. وأنتقل «وسناب شات» من 17 بالمائة إلى 29 بالمائة.
ونظراً للزيادة المضطردة في عدد الراغبين في «التدوين الصوتي» أو «المدونة الصوتية» لسماع الأخبار والتقارير، فإن الشبكات الاجتماعية تتجه نحو هذا الاختيار لجذب المزيد من الزبناء.
يفيد استطلاع «بيو رسيرش سنتر» الذي أجري الشهر الماضي أن أثنين من بين كل عشرة يعتمدون على «التدوين الصوتي» أو «المدونة الصوتية، وكانت أعلى نسبة تحققت العام الماضي أثناء الإنتخابات الرئاسية الأميركية، وعزا الاستطلاع إرتفاع ظاهرة العودة إلى الإذاعة إلى إقبال كبار السن وغير المتعلمين والأقليات على الإذاعات. في حين أن 55 بالمائة من الأميركيين الذين تجاوز سنهم الخمسين يعتمدون على مواقع الصحف الورقية للحصول على الأخبار.
كما تفيد معلومة جديدة إن عدد المستمعين للإذاعات التقليدية تجاوز عدد مشاهدي الشبكات التليفزيونية. ظني أن السبب الجيل الجديد من أجهزة الهواتف الذكية المحمولة. هذه الأجهزة حسنت كثيراً التقاط الإذاعات. إذ الناس عادة في أوروبا وأميركا سواء كانوا في الحافلات أو القطارات وقطارات الأنفاق والسيارات يستمعون إلى الراديو. الغالبية تميل إلى الموسيقى، لكن يبدو أن محطات الإذاعة فطنت للأمر وطورت برامجها الإخبارية والحوارية والموسيقية، لذلك استطاعت أن تقفز بارقام المستمعين.
المؤكد أنه عندما تتغير طريقة «استهلاك» الأخبار وسط الأميركيين، فإن الموجة سرعان ما ستعبر الأطلسي شرقاً.
بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
23/09/2017
2653