+ A
A -
يسود الاعتقاد بأن الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة تستحق أن تُمنح هذه السنة، لقب أسوأ دورة في تاريخ المنظمة الدولية. إذ لم يسبق ان تكاتف تجمع واحد، على هذا القدر من الجهل والتهور، الى جانب شرور مستطيرة لم تجد حتى من ينتقدها، كإشهار العلاقة المريبة بين نتانياهو والسيسي، وسط قهقهات غبية.
في الدورات السابقة، تراوح الحضور بين المقبول والجيد، وقد تميز بعضها، في اكثر الظروف حلكة، بنفحة من إخلاص او كاريزما تحسس المرء ان في العالم من يمكن الاعتماد عليهم.
أما هذه الدورة، فلولا مبادرة «العالم اكثر من خمسة» التي اطلقها اردوغان في اشارة الى ضرورة هدم المنظومة الخماسية الجائرة المبنية على سلطة الفاسدين الخمسة الكبار، من اصحاب الفيتو، لخلت الدورة من الجدية حتى في مجال الصواريخ التي كان يجري تقليص اعدادها وتقييد استخداماتها فيما مضى، فأضحت اليوم متاحة لمن هب ودب بما في ذلك المجموعات الارهابية.
ما اقترحه الرئيس التركي جيد لكنه لا يكفي، كما ان استجابة حَمَلَة الفيتو بشكل خاص، هي صفر بالمائة. لكن هذه القضية الخطيرة التي كانت سابقا محل اهتمام تكشف بعضا من جنون هائل أفرزته الجمعية الحالية، منها ان ترامب أغفل في خطابه أي ذكر لفلسطين او مسلمي الروهينغا او علاقات واشنطن مع موسكو. ومع ذلك قال نتانياهو مصفقا ان هذا أجرأ خطاب سمعته في 30 عاما من العمل السياسي!
نفاق بطبيعة الحال لرجل يحب النفخ ويمكن دفعه الى المزيد من التنازلات لصالح الدولة اللصة اسرائيل القاصمة لظهر السلام ليس في فلسطين وحدها، بل في العالم كله.
وما يزعج حكومة نتانياهو اكثر من اي شيء، انه لم يعد هناك شعب يعاني من نقص في المعلومات تجاه حقيقة اسرائيل، فالدولة الصهيونية غير شرعية في نظر كافة شعوب الارض، ولا اصول تاريخية لها ولا صلة لليهود بالقدس او فلسطين بشهادة الامم المتحدة، ومع ذلك هناك من لا يزال يطالب بحل الدولتين.
كانت هذه واحدة من الحقائق التي تؤكد ان العالم مبني على الاكاذيب والاساطير والجماجم والانقاض. اما كوريا الشمالية وإيران فشريكتان بالكامل في مجال تكنولوجيا الصواريخ البالستية والتطور النووي الذي يمارسه خبراء ايرانيون في مختبرات بيونغ يانغ منذ طرد وكالة الطاقة الذرية قبل سنين من كوريا الشمالية. العالم ليس بخير، فالاتفاق النووي بين ايران والكبار مهدد بالزوال، ولائحة الحائزين على «القنبلة» وصلوا الى عشرين دولة عدا نشاط الارهابيين الذين تمكنوا من شراء مواد نووية «قذرة» من السوق السوداء.
والعالم ليس بخير لأن نتانياهو غير المناسب تعهد بأخذ دور الولايات المتحدة والسعودية المناسب، في تدمير قواعد إيران العسكرية في سوريا. والعالم مجنون أيضا عندما كشف قبل ايام ان السعودية والامارات فكرتا في استخدام القوة ضد قطر ثم عدلتا بأوامر من ترامب، وذلك في بدايات الازمة. ولم تدرك الرياض وأبوظبي ان هذا التهديد الذي تسرب الى العالم، ورفضهما التسوية والحوار، شوها سمعة الخليج كمنطقة آمنة وملاذ تاريخي للاستثمار الدولي.
والعالم مجنون لأن الاستفتاء الكردي جرى ام لم يجر، يهدد بنزاعات مسلحة تشمل تركيا وإيران عدا العراق الذي ينتمي كردستان اليه كجزء من الدولة الفدرالية في بغداد.
ثم ان العالم عالم مصالحات كاذبة او تعوزها الجدية مثل المصالحة المضحكة بين حماس وفتح، وسلسلة المصالحات السورية والعراقية واليمنية واللبنانية والليبية «المترنحة» والمحملة بالحقد الطائفي والعرقي اللذين سيظلان قائمين حتى تلغى المظلوميات وخاصة السنية.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
22/09/2017
1683