+ A
A -
لم تصل الأزمة الخليجية إلى ما وصلت إليه، إلا بعد انكشاف حقائق في منتهى الخطورة، أماطت اللثام عنها مجلة »بلومبيرغ« ذائعة الصيت والمَعْرفة، ما ساهم في انتشار حقائق تُجَرّمُ أطرافاً وتبرئ أخرى.
وإذا كانت قطر قد نجت من تبعات الحصار الشائن بحسن الحكم والتدبير وبفضل صندوق سيادة يتحمل الصدمات، فقد باتت مرشحة للخروج في النهاية سالمة معافاة، في الوقت الذي أصابت فيه تلك الفضائح مفتعلي الحصار في صميم سمعتهم السياسية والاقتصادية، وإلى الحد الذي دفع محللاً كبيراً في إدارة الأصول بلندن، إلى القول إنه بخلاف قطر، فإن دولاً أخرى في الخليج تتعرض للخطر.
المحلل هو ريتشارد سيغال الذي يدير أصولاً بقيمة »358« مليار دولار لصالح شركة »مانولايوف« والذي يتوقع أن تنتهي الخلافات الخليجية خلال 12 إلى 14 شهراً. والترجمة السياسية لأقواله هي أن إصرار السعودية المتعمد ومن ورائها بقية دول الحصار على إبقاء الأزمة دون حل، يمثل السبب الأهم في إيصال الوضع الاقتصادي إلى حالة الضعف الراهنة.
ولولا تمسك الرياض وأبوظبي بالانتقام الغبي من الدوحة، ورفضهما الوساطات الكثيرة وفي مقدمتها جهود الخير الكويتية، لما وصل الخليج ككل إلى هذه المرحلة التي فجرت »بلومبيرغ« ما تم خلالها، دون تحفظ أو مواربة.
وفيما يُجمع الخبراء الاقتصاديون أن شوكة الأزمة طالت أكثر مما يجب، وأن القيح بدأ بالخروج لأن أحداً لم يقلعها في الوقت المناسب، يذهب سيمون ايفانز الذي يشرف على أصول قيمتها 1?2 تريليون دولار لشركة »ليغال آند جنرال« إلى القول إن ضجيج الأسبوع الماضي يثير تساؤلات عما تريد دول مجلس التعاون أن تفعله.
تشمل هذه التساؤلات سعر صرف العملة، وهو عامل أساسي في تحديد احتياطي النقد الأجنبي الذي تملكه الدول النفطية والحسابات الجارية وعجوزات الموازنة.
وقد لا يسعد دول الحصار قول إيفانز إن قطر بالذات في موقف جيد، مشيراً كزميله سيغال إلى أن البحرين في أسفل الترتيب وتظل تعتمد على دعم دول مجلس التعاون.
في الوقت نفسه كشفت »بلومبيرغ« أن صندوق السيادة القطري ما زال يواصل خطفه للاستثمار في الولايات المتحدة، مظهراً قدرته على الصمود، فيما انتقد اقتصاديون كبار رفض الرياض إنهاء الأزمة، لأنها تريد أولاً اضعاف قطر،لكن ذلك لم يتحقق بفضل أصول وافرة وسياسات قطرية سليمة.
وسط هذه »الخبصة« التي أعطت الإمارات لها إشارة البدء، كشفت المجلة الأميركية سرا يذاع للمرة الأولى وهو أن دونالد ترامب حذر الرياض وأبوظبي في مطلع النزاع من مغبة التدخل عسكرياً ضد قطر، مضيفة أنهما فكرتا في ذلك فعلاً، وربما تراجعتا بعد الإنذار الأميركي.
وهكذا تكون الرياض وأبوظبي قد عملتا وفشلتا في استخدام القوة ضد قطر، لكنهما نجحتا في أمر واحد وهو تشويه صورة مجلس التعاون كملاذ آمن للمستثمرين.
وترى بلومبيرغ أن الخليج أصبح الآن مكاناً غير مضمون للاستثمار، خاصة وأن المستثمر الدولي قد يخشى حتى بعد التوصل إلى نهاية للأزمة الحالية، أن يأتي إلى الخليج في عدة سنوات مقبلة.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
21/09/2017
1369