+ A
A -
أولستم أنتم، يا من تلوحون باجتياح اقليم كردستان العراق اذا جرى استفتاء على استقلاله، هم انفسهم انتم الذين كنتم على مر السنين تغازلون البرازاني وتسكتون على اجراءاته وقراراته المفضية الى دولة مستقلة؟
لقد صمتّم طويلا على سلطة اربيل (بالعربية) وهولير (بالكردية)، وهي تستولي على نفط كركوك وتبيعه لحسابها بدل ان تودع الايرادات في صندوق مالية بغداد المركزية. وصمتم ايضا عن ادوات الاستقلال التي اعتمدها الاقليم كعلَم الدولة المأمولة، وتشكيل حرس شرف رئاسي لاستقبال زوار «هولير».
ورغم ان حيدر العبادي هو من ذات حزب الدعوة الايراني الذي تخرج منه نوري المالكي، فقد بدرت عن رئيس الوزراء رغم ضغوط طهران علامات تشي بتفضيله العروبة على الفرسنة فيما يتعلق بمستقبل العراق.
ويتردد ان العبادي قبل على مضض افتتاح مدرسة ايرانية في بغداد، كمجاملة للمرشد الذي سبق وأن ابدى استياءه من زيارات رئيس الوزراء لعدة دول عربية واستقباله زعماءها في مكتبه.
وها هو العبادي الآن يتخذ اجراءات حازمة لا ترفضها طهران على اي حال، للجم شهوة الاستقلال الكردي. لسنا هنا ضد حقوق الاكراد، لكننا لا نحبذ ان يتم التعبير عنها بهذه الصورة المتسرعة الآن تحديدا، وفي ظل اوضاع حساسة جدا سواء بالنسبة للدول العربية او لتركيا.
وإذ نقر بأن اخوتنا الاكراد هم من امة محترمة لها تاريخ مشرف، غير ان الاوضاع المتفجرة في المنطقة وتلقف اسرائيل المعتدية فرصة كهذه للايقاع بين العرب والكرد من خلال اغواء اربيل بالوعود، او الاحرى الكمائن والافخاخ، يكفيان لتأجيل الاستقلال الى ما بعد وضع الحروب الحالية اوزارها، بدل الزج بنا في حرب جديدة اخطر وأطول مدى وحدة.
خطوات بغداد كانت أشد حسما مما توقع الكثيرون، إذ انها لم تكتف باعتبار الاستفتاء المزمع بعد اسبوع، انتهاكا لسيادة العراق وتفكيكا للدولة فحسب، بل نشرت قواتها على طول الحدود مع كردستان، فيما صدرت الاوامر برفع الجاهزية العسكرية تحسبا لأي طارئ، او اشتباك مع البشمركة الكردية.
وبلغت الخطورة ذروتها حين هددت بغداد بتحرير كامل محافظة كركوك وإعادتها الى السلطة المركزية بعد هيمنة الحكومة الكردية عليها تمهيدا لضمها، وذهب العسكري الى حد الاعلان ان قوات الجيش والشرطة قادرة عى انتزاع كركوك بالقوة اذا اصرت اربيل على الضم، مؤكدين ان مثل هذا المسلك شرعي تماما ما دام يتم داخل حدود الدولة العراقية التي يشكل اقليم كردستان جزءا منها.
وما من شك في دعم انقرة للعبادي خاصة ان ميليشيات حزب العمال الكردستاني تحتشد داخل الجانب السوري من الحدود مع تركيا باسناد من واشنطن، وهو ما دعا اردوغان الى التعهد بإجهاض محاولة الميليشيات اقامة «ممر ارهابي» بين شمال سوريا والحدود التركية.
وفيما تؤيد ايران منع الاستقلال الكردي، خاصة أن عشرة ملايين ايراني من اصول كردية، فإنها تلزم الصمت إزاء القضية لإبقاء أكرادها قيد السيطرة التامة وتعطيل إمكانية تكرارهم تجربة تركيا التي اضطرت لاستخدام القوة ضد «العمال الكردستاني» المتطرف، حفاظا على أمن أقليتها الكردية ذات العشرين مليونا.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
18/09/2017
1508