+ A
A -
يظل اردوغان رجل مواقف ومفاجآت، اذ بعد يومين من اعلان حكومة بلاده عن اجتماع ستعقده اللجنة العليا الاستراتيجية التركية- القطرية في ديسمبر، على ضوء «احتباس» متصاعد ومتعمد للأزمة الخليجية، ها هو يصرح قبل ساعات بأن انقرة لن تسمح أبدا بإنشاء ممر إرهابي في المناطق الشمالية من سوريا المحاذية لتركيا، ولن تتنازل عن مدينة عفرين المهمة في ريف حلب الشمالي.
تبرهن هذه التطورات صحة الرأي القائل إن تركيا تحولت في السنوات الاخيرة الى لاعب اساسي في قضايا عربية كبيرة وحساسة كأزمة الخليج والمسألة السورية، والعراق المنشغل بمعالجة توجه مشبوه يمثله قرار إقليم كردستان إجراء استفتاء حول الاستقلال في توقيت ضار جدا للأتراك والعرب.
هذه الفعاليات التركية الرسمية وغيرها الكثير، في العالم العربي، تعطي انطباعا صائبا مفاده ان انقرة تعيد ترتيب اوراقها ليتصدر الشرق الاوسط والخليج اولوياتها على حساب محيطه الاوروبي وأميركا وروسيا في وقت واحد، خاصة بعد ان بدت على الغرب عموما علامات الاستياء مما تراه «أسلمة» لتركيا يُقدم عليها اردوغان على حد قول بوتين، وهو توجه قد ينتهي بالطلاق السياسي مع اوروبا ثم حلف الناتو.
ولعل إشارة اردوغان الواضحة الى استعداد بلاده لاجتثاث حزب العمال الكردستاني المهيمن على نصف الحدود السورية مع تركيا، ونيته إفشال الاستفتاء الكردي مهما كلف الامر، تمثلان تحديا لكثير من اللاعبين المهمين خاصة واشنطن وموسكو.
وقد اختلطت الاوراق بشدة على ضوء دخول اردوغان المتجدد على خط الازمة السورية، والكشف عن قرار تركي مفاجئ باشتراط رحيل بشار الاسد، وهو موقف قال الرئيس السابق لائتلاف المعارضة والثورة السورية خالد خوجة لقناة الجزيرة ان دولة قطر تبنته هي ايضا.
وبنظر الكثيرين، فإن دولة بحجم تركيا وموقعها الجيو - سياسي، واشتباكها التاريخي والحدودي المتواصل مع كل شيء سوري خصوصا، وعربي عموما، قادرة على نسف اي اتفاق في المنطقة، لا ترضى عنه.
وإذا كان الرئيس أردوغان مستاء لاستمرار السعودية في رفض نداءات متعددة تطالبها بالحوار مع قطر باعتباره الخيار الوحيد الممكن، فقد شن الاعلام التركي حملة انتقادات على الرياض، بعد اعلان خالد خوجة ان السلطات السعودية فكت ارتباطها بالأزمة السورية وتخلت عن هذا الملف تاركة كل شيء بهذا الخصوص للدول الكبرى، بطلب من ترامب، كما يبدو.
وقد دفع موقف الدولة الاكبر في مجلس التعاون تجاه سوريا، المجلس عموما الى نفض يده من القضية وغيابه عن المشاركة في تحديد مستقبل هذه الدولة العربية، ما حدا بالرئيس التركي، كما يظهر، الى ملء الفراغ العربي الكبير الذي خلقه موقف الرياض في سوريا والعراق وبقية المنطقة، وخصوصا فلسطين.
كما غاب «التعاون» عن مسار الاستانة والقرار الاخير بخفض التوتر في محافظة إدلب التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة. واللافت اننا لم نسمع كلمة عربية واحدة تستنكر تجاهل ذلك المسار مصير سبعة ملايين سوري شردتهم سياسات النظام، عدا النصف مليون قتيل، والدمار الذي أباد نصف الشقق السكنية على الاقل.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
17/09/2017
1442