+ A
A -
يثبت يهود فلسطين المحتلة أنهم تُفّه بامتياز عندما يستهزئ نتانياهو علناً بلكنة إيهود باراك وطريقة نطقه، وعندما تنشغل الصحافة بهذه القضية، إلى جانب قضية أخرى يركزون عليها هذه الأيام، وتدور حول الصراع بين يمين تجاوز النازية تطرفاً، ويسار تبنى مدرسة اليمين حين اشترى ما باعته المدارس الحاخامية، من قاذورات، في أسواق العنصرية.
وإذا كان يهود الاشكناز (البيض) قد شرعنوا الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، فإنهم يمارسونه بالهراوات أحياناً ضد الفلاشا والعبرانيين السود الذين يأتون إلى فلسطين من حين إلى آخر بحثاً عن الحليب والعسل المزعومين.
لا حليب ولا عسل في فلسطين المنهوبة ولا في كل مكان مبتلى بالهم والغم في الشرق الأوسط، ولا حتى في ثنايا توراة مفبركة تمنح المُلك لمن لا يستحق، وتَعِدُ من يقول «أنا يهودي» بالعيش الرغد في أرضنا، أرض الرباط العائدة ولو بعد مليون قتيل.
من المبكر الحديث عن عودة فلسطين التي تنتظر التطهر من «جحيم دانتي»، غير أن أحدا لا يؤمن، بمن في ذلك أهلها الغاصبون، أن فلسطين المسبية هي أرض عدالة وحكم رشيد. كيف يجوز ذلك وهي أرض فساد مافيوي مالي وسياسي واجتماعي، يقوده رئيس الوزراء وزوجته سارة، دون أن يجرؤ قاض مزعوم أو وزيرة «عدل» تسمي أمهات الشهداء «ولاّدات الأفاعي» على محاسبة اللصوص. كيف يمكن ذلك ورافع القضية مجرم كمرتكب الذنب؟
ضحكوا على العالم عندما سجنوا كاتساف وأولمرت بتهم الفساد والتحرش الجنسي، إذ تبين أن الذين يجب أن يحاكموا هم كل من أقام على أرض ليست له، وكل من تولى منصباً يجني منه راتباً تصرفه دولة غير شرعية.
السرقة كما يتهكم بعض الصحفيين عندهم مهنة في إسرائيل، فالكل يُرشى ويَرتشي مما يعتبر واحداً من علامات الانهيار الغريب الذي نعترف أن تشتت دولنا وسكوتها المخزي على جرائم الإبادة والتطهير العرقي يساعد في إطالة أمد هذه الدولة الباغية.
وإذا كان مسؤولونا ما زالوا يطالبون في جلسات ما يسمى الجامعة العربية (الجامعة لنفايات الأمة)، بحل الدولتين بعد أن أهيل عليه التراب، وبالعمل العربي المشترك بعد أن أشرك أغلب المشاركين، فإن هذه المطالب المقززة تصب في مصلحة العدو.
وما ينعش دولتهم، التسويات المضلّلة التي يجري تمريرها في مناخات مسمومة تملؤها الأفاعي، وهي في الواقع تسويات «ترقيعية» و«كوزمتيكية» تعتمد على قاعدة «من بره رخام ومن جوه سخام».
وباستثناء قلة صغيرة من دول ما زالت تقول إن فلسطين عربية، فإن المصالحات والاتفاقات المزعومة هنا وهناك، هي جزء من الديكور الذي يخفي وراءه هياكل مهلهلة، ومستقبلاً آخر من الدم والدمار.
نتحدث عن أكثر من عشرين دولة عربية ضعفت حتى الانحطاط الشامل، ما أعطى الأعداء الفرصة للتوسع الجغرافي وفرض النفوذ السياسي على رقعة كبيرة جداً من الأرض.
ومن المؤسف أن عيوننا لا ترى في المستقبل المنظور إلا الأجواء الأشد قتامة والمخاطر الأكثر عمقاً وإيلاماً. وإذا راودتكم الشكوك وارتبتم في ما نقول، انظروا إلى الجامعة العربية التي تداعى كبارها منذ عام «2003»، والتي تنطق أغلب دولها الباقية بغير العربية، وبما يرضي الحكومة الجالسة في «جبل الهيكل»، بدعم من دول تنطق بالعربية ولكن لن نقول أسماءها، لأنها معروفة للجميع، وهي والقلة التي نقول لها: الصمود .. الصمود.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
14/09/2017
1739