+ A
A -
كان الرد سريعا وصادما ومعدا ومبيتا بطريقة تقنع من يقرأه أن الرياض تبحث عن فرصة لعرقلة الحوار مع قطر. فمن هم هؤلاء «الصغار» الذين يريدون ان يجالسوا «الكبار»؟!
هذه العقدة في رأيي هي لب القضية، وتتصل بكل ما يتعلق بالأزمة الخليجية من قضايا. وعندما التقى صاحب السمو الأمير يوم الجمعة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بدت الأجواء إيجابية الى درجة ان بعض المحللين تحدثوا عن خروج الأزمة من دائرة الصفر.
ولكن لم تمر سوى دقائق حتى قال المحللون انفسهم ان الازمة عادت الى دائرة الصفر؟ فما الذي جرى وقلب المعادلات بهذه السرعة القياسية؟ قبل أن نرد على هذا السؤال ينبغي ان نتحدث عن انعدام الثقة أولا وعن شعور متمكن من السعودية عنوانه «نحن كل شيء» في «الجزيرة»!
وإذا كانت قطر قد اعلنت ان الاتصال بين صاحب السموالشيخ تميم بن حمد آل ثاني والأمير محمد تم بطلب من الرئيس ترامب، فإنه ما إن قالت ذلك - وهو صحيح - جن جنون الرياض، ذلك انه لا يجوز في عرفها ان ينعقد الاجتماع بمبادرة من طرف ثالث تساوي بين الأطراف المعنية. أما البيت الأبيض فلا نظن انه أراد ان يحرج أحدا. مكتفيا بالإعلان ان الرئيس اجرى اتصالات منفصلة مع قادة السعودية والامارات وقطر لحثهم على الوحدة بين شركاء اميركا العرب بهدف التصدي للتهديد الايراني.
ونفهم من البيان السعودي الذي اعلنت فيه بعصبية واضحة تعطيل اي حوار او تواصل مع الدوحة احتجاجا على ما وصفته بتحريف اقدمت عليه وكالة الانباء القطرية فيما يتعلق بالاجتماع الذي بُحثت خلاله امكانية ارسال مبعوثين من البلدين للبحث في الخلافات.
ولم تكشف الرياض الى تفاصيل ما حدث بل اشارت الى ان قطر لم تستوعب بعد ان المملكة ليس لديها استعداد للتسامح مع اي تحوير قطري للاتفاقيات والحقائق. ولأن كل ذلك حدث في دقائق فإننا ندخله في باب التخريف لا التحريف، حيث سعت السعودية الى التأكيد بمسلكها وكلماتها المنتقاة، الى ان قطر هي التي طلبت الحوار وليس السعودية او ترامب.
وبسرعة متناهية عطلت الرياض كل ما له علاقة مع قطر تماما كما يفعل الاب الغاضب بابنه «العاق»، رغم تأكيد الدوحة مرات انها ذات سيادة وفكر وقرار مستقلين، لا علاقة لها بالطبع، بعقلية الأب او الأخ الكبير. فلكل من الأشقاء رؤيته متى بلغ سن الرشد.
لا نستطيع تأكيد ما اعلن في الرياض عن إبداء سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني رغبته بالجلوس على طاولة الحوار ومناقشته مطالب الدول الاربع التي رفضتها الدوحة جملة وتفصيلا منذ عدة اسابيع.ثم ان كلام الرياض تميز بالتخبط خصوصا عندما نشرت اخبارا غير صادقة وبثت بيانا ملفقا يزعم دعم الدواعش لقطر ضد السعودية. لكن المؤكد ان ما سعت دول الحصار الى تحقيقه عبر التلفيق انقلب عليها بسرعة، خاصة بعد ان تراجعت السعودية عن فكرة التواصل مع قطر برمشة عين، واعدة بنشر تفاصيل ما جرى، دون ان نظن ان لديها ما تقوله.
ننتظر ما سيقال من اكاذيب جديدة، بعد تعثر الحل الذي سعت اليه قطر بجدية، لكن الواضح ان الرواية السعودية انهارت قبل ان تكتمل عناصرها.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
12/09/2017
1378