+ A
A -
من المضحك القول ان بشار الاسد قد انتصر، وسيكون اقرب الى الحقيقة القول ان فلاديمير بوتين هو الذي حقق النصر، اذا كان هناك فعلا نصر، يعين فيه زعيم الكرملين بشارا حاكما لما تم استرداده من سوريا. اما خامنئي المندرج في القائمة، فسيخضع لرؤية الرئيس الروسي ويكلف، على الارجح، باستخدام حرسه الثوري وميليشياته في عمليات «التنقية» الصعبة لجيوب المعارضة.
الانجاز كان روسياً بالكامل ولولاه لكان بشار مرشحا للاندحار الكلي عام 2015، فهو بالفعل مخلّص بشار الاسد من الهزيمة الشعبية الساحقة التي كان اهلا لها. استدعى بوتين الايرانيين وأقام له قواعد عسكرية ليوسع وجوده على الارض ليس في الشرق الاوسط وحده، وإنما في شبه جزيرة القرم الاوكرانية، وبنى له قواعد نفوذ سياسي وعسكري في عدة دول في الاتحاد السوفياتي الساقط.
ليس مهما لبوتين ما ارتكبه من جرائم إبادة لتحقيق «النصر»، ولا تحميل الامم المتحدة بشار الاسد امس رسميا مسؤولية الهجوم الكيماوي المجرم على خان شيخون، فالذي يهمه ان العالم يتحدث عن «انتصارات» الروس وأعوانهم، وعن تحديات الايرانيين لترامب وملك السعودية من خلال وجودهم العسكري العميق جدا في الاراضي السورية.
كل الذين سرقوا سوريا لا يختلفون بشيء عن الذين سرقوا فلسطين، وزملاؤهم الطغاة في كل مكان يمدون لهم يد المساعدة مع انهم جميعا عتاة مطلوب محاكمتهم امام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.
لم ينتصر هؤلاء بالمعنى العادل والشرعي للانتصار، الذي تغطى بالاضاليل والمقابر وبكل ما كان طيبا وجميلا في سوريا ما قبل الاسدين.
وعندما دعا مستورا المعارضة لأن تدرك انها لم تربح الحرب، فيما طلب من الحكومة السورية ألا تتحدث عن الانتصار، ذلك ان الرجل كمن يريد ان يرش سُكّرا على الموت، أو يُجمّل ما يجري بعد ان كان موضع اهانة من بوتين ولافروف اللذين اتهماه مرات بالوقوف مع المعارضة.
القيصر الذي اعاد تمثيل «مسرحية غروزني» في دمشق، حاملا رؤوس الرافضين للاستسلام على أسنة الرماح، يقول بصوت خفيض لا يخلو من الشماتة إن كل معارض هو ارهابي وإن الذين يحاربون الأسد لن يجدوا من يساعدهم بعد اليوم. كلام فارغ بالطبع.
لنسأل: لماذا المعارضة مدعوة لأن تفاوض النظام في اكتوبر متحدة كما نصحها دي مستورا، ولكن: على ماذا تتفاوض، فنظام دمشق رفض طوال الوقت فتح باب الحوار الجاد معها متشجعا بفتوى موسكو: كلهم ارهابيون!
غير أن الفلسطينيين لم ينهزموا والاسرائيليين لم ينتصروا، وهذا بالضبط ما سيحدث لسوريا إذا كتب لترتيب مستورا ان يستمر شهرا او شهرين او حتى بضع سنين. لقد سبق لواشنطن ان وقعت على نتائج ثلاثة انتخابات مزورة في افغانستان، وهم منهكون الآن بتزوير انتخابات بشار الفاقد اصلا لتسعين بالمائة من الشعبية.
الانتصار عبارة مطاطة لأنها كاذبة، ولن تتحقق اطلاقا ما دامت المظلومية لم ترفع عن الاغلبية السورية. والسوريون الذي خبروا مدافع حافظ وبراميل بشار لن يأتمنوا هذه العائلة. وكما ينتهي حكم الطغاة في كل مكان سينهار الحكم في دمشق مهما تعاقبت السنوات، فهو غير قائم على الشرعية والعدالة.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
08/09/2017
1491